اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

التواصل ونشر البيانات لدفع عجلة التغيير

كيف استفادت مؤسسة آني كايسي من قوة المعلومات والتواصل لدفع الاستثمار العام في الأطفال وأسرهم.

إعداد : باتريك مكارثي، ليزا هاميلتون

 

تم النشر 09 يوليو 2021

شارك
شارك

لا يستطيع الأطفال التصويت، ولا يمكنهم التواصل وشراء الإعلانات على التلفاز، أو تشكيل لجنة عمل سياسية ليحظَوا بما يحتاجون إليه، ولا يمكنهم التحدث بالنيابة عن أنفسهم، نتيجةً لذلك؛ غالباً ما يغيب ذكرهم عن القوائم المكتظة بالأولويات السياسية التي تتنافس على نيل الاهتمام، وللتصدّي لهذا الإغفال؛ كانت تبني مؤسَّسة «آني إي كايسي فاونديشن» (Annie E. Casey Foundation) مشروعاً يُعرَف باسم «أهمية أطفالنا» (KIDS COUNT) لأكثر من 25 عاماً.

أنشأ هذه المؤسَّسة «جيم كايسي» (Jim Casey)؛ مؤسِّس شركة «يو بي إس – خدمة الطرود المتحدة» (UPS)، تكريماً لوالدته الأرملة؛ التي حافظت على تماسُك عائلته خلال الأوقات العصيبة، فكان يصبّ اهتمامه على الأطفال وعائلاتهم بشغف، ومع نمو مؤسَّسته؛ رأى المكلَّفون بمتابعة تنفيذ مهمة «جيم» أن المتحدثين بلسان الأطفال يواجهون صعوبةً في إبراز أهمية قضيتهم الهادفة إلى صنع التغيير؛ ويُعزى ذلك جزئياً إلى افتقارهم إلى بيانات موضوعية ودقيقة ومتسقة، فكيف يمكن أن يخوضوا في النقاش من أجل مستقبل أفضل، في حين لا تتضح الحالة الراهنة للأمور المتعلقة باليافعين؟

فكان مشروع «أهمية أطفالنا» وليد تلك الحاجة؛ والذي بدأ في عام 1990 بمنتج واحد؛ وهو كتاب بيانات وطني يقارن بين تأثير 10 مؤشرات على الأطفال (مثل وفيات الرُضَّع ونفقات التعليم ومعدَّل توظيف المراهقين) في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكانت الفكرة من نشر هذا الكتاب أننا إذا كوَّنا صورةً دقيقةً وشاملةً عن احتياجات الأطفال، سيكون التغيير هو الخطوة التالية. كانت المؤسَّسة تأمل أن تجذب انتباه وسائل الإعلام من خلال تصنيف النتائج حسب الولاية، بالإضافة إلى جذب انتباه صُنّاع السياسات على الأصعدة المحلية والوطنية والولايات؛ مستغلَّةً غريزة المنافَسة الإنسانية.

على الرغم من تواضُع أول مسعى وبساطة الترويج له، بدأت الاستراتيجية تؤتي ثمارها؛ حيث تحمّل حكّام الولايات التي لم يُبلي فيها الأطفال بلاءً حسناً مسؤولية تفسير ذلك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين سياساتهم، وحظيت الولايات التي كان حال الأطفال فيها الأفضل بفرصة كسب التأييد لمارَساتهم المُجدية، ومشارَكة نجاحهم، وقد دفع الزَخم الأولي الذي حققه كتاب البيانات المؤسَّسة لتسعى إلى تقديم دعوات للمؤسَّسات الأخرى لإنشاء كتب بيانات خاصة بها على مستوى الولاية، وقد أدى الاستثمار والتعلم المتواصلان إلى إنشاء شبكة من مزودي البيانات والمناصِرين في كل ولاية.

اقرأ أيضاً: الاستثمار في التواصل: جعل الأفكار تتحرك

قيل أننا كثيراً ما نخلط بين الإبلاغ والتواصل، فالإبلاغ هو تبيلغ الرسالة، بينما التواصل هو نشرها؛ إن مشروع «أهمية أطفالنا» – كونه مشروعاً غير حزبي يجمع البيانات ويحللها ويُعمّمها، ويستفيد منها في زيادة أهمية رفاهية الأطفال في الولايات الخمسين كافةً، وجزر العذراء الأميركية وبورتوريكو – استغل قوة كل من الإبلاغ والتواصل؛ إليك بعض الأفكار التي اكتسبناها من خلال تقييم المستفيدين والصحفيين وصُنّاع السياسات لعملنا خلال مسيرتنا:

لا تخشَ توسيع العلامة التجارية. 

في حين كانت المؤشرات العشر الأولية لرفاهية الطفل ميزةً معياريةً في كتاب البيانات لسنوات عديدة؛ أدركنا أننا بحاجة إلى تحديث يعكس أحدث الأبحاث والبيانات، لذا  عملنا مع لجنة من الباحثين وشركاء في توفير البيانات، ووسّعنا دليل مشروعنا إلى 16 مؤشراً في عام 2012؛ مصنَّفين في أربع فئات: الرفاهية الاقتصادية، والصحة، والتعليم، والأسرة والمجتمع، كما تعلمنا أننا بتركيز طاقتنا على إصدار كتاب بيانات سنوي واحد فقط؛ نفقد الفرص للتعمُّق أكثر في مزيد من القضايا وإبرازها، في كثير من الأحيان، لذا أعددنا تقارير السياسة العامة؛ والتي تتضمن توصيات السياسة العامة حول مواضيع محددة، إلى جانب لمحات عن البيانات؛ أي تحديثات موجَزة عن التوجّهات الهامة، كما أنشأنا مركز بيانات تفاعلي على الإنترنت؛ يضمّ البيانات، ويوفر تحديثات مستمرة، ويتيح للزائرين إنشاء مخططات ورسومات للبيانات خاصةً بهم، واليوم؛ أصبحت وسائل الإعلام تستشهد ببيانات مشروعنا بوتيرة شبه يومية، ويستفيد صُنّاع السياسات من بياناتنا في دعم مقترحاتهم السياسية.

قد تكون الشبكة أقوى وسيلة تواصل تحظى بها.

أثناء توسيع المشروع لمنصات التواصل الخاصة به لمواكبة تطوّر الأفق الرقمي المتسارِع؛ تعلمنا أن تعزيز إمكانيات التواصل للمستفيدين لدينا، أكثر فعاليةً من أي تكتيك توعوي منفرد. إن قادة مشروع «أهمية أطفالنا» خبراء في الجو السياسي السائد في ولاياتهم، والقضايا التي تؤثر على الأطفال فيها؛ تساعد منتجات المشروع التي تنشرها المؤسَّسة، وكتب البيانات المحلية التي تنشرها المؤسَّسات، في توجيه مئات القصص الإعلامية ومقالات الرأي سنوياً؛ ما يضخّم أصوات هؤلاء القادة المؤثرة، ويجعلهم في موضع يمكنهم فيه الاستجابة بسرعة لتطورات السياسة في ولاياتهم، ولبناء هذه الإمكانيات؛ أنشأت المؤسَّسة مركزاً سنوياً  للتواصل للمستفيدين من المنح، ليتعلموا عن التخطيط للتواصل، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتصوير الفيديو، وغيرها من الممارَسات؛ وشجَّعت على استخدام مركز بيانات المشروع استخداماً إبداعياً هادفاً إلى بناء المهارات؛ كما استحدثنا مركز تقييم وموارد إلكترونية؛ يدعى «مختبر تعلم المناصَرة» (Advocacy Learning Lab)؛ والذي يتيح للمستفيدين الوصول إلى الموارد اللازمة لإدارة مؤسَّسات قوية، وتحليل البيانات، وتطوير توصيات السياسة العامة، بالإضافة إلى توفير أدوات لتقييم إمكانياتهم في التواصل ومهاراتهم في المناصرة وتحسينها على الدوام؛ كما تسهّل منصة شبكة الأقران المنفصلة على الانترنت، التواصل والتعلم الدائم بين المستفيدين.

اقرأ أيضاً: استراتيجيات التواصل المبتكَرة: بلوغ الناس حيثما كانوا

أبقِ جهودك محليةً وركّز على الحلول.

 بينما نسعى إلى الحصول على تغطية إعلامية وطنية ونتلقاها، وجدَت تقييماتنا (والتي تشمل دراسةً متعمِّقةً للمساعي الإعلامية لستة مستفيدين من المشروع في عام 2008) أنه يُرجَّح أن تروق المعلومات ذات الأهمية المحلية للصحفيين، كما يُرجَّح أن تنشر وسائل الإعلام القصص ومقالات الرأي عندما تترافق التوصيات للحلول بالبيانات، ويُرجَّح أيضاً أن يأخذوا في عين الاعتبار المعلومات الواردة من مصادر محلية موثوقة، يمكنهم الحفاظ على علاقات مستدامة معها. يؤجِّج تصنيف كتاب البيانات للولايات، إلى جانب كتب البيانات المحلية التي يُصدرها المستفيدون، اهتمام وسائل الإعلام، ويقدِّم المستفيدين كخبراء، ويشجع القادة على تحسين ترتيبهم مع مرور الوقت.

ففي عام 2014 وحده، أدرك المستفيدون من مشروع «أهمية أطفالنا» مكاسب سياسته في 33 ولاية؛ محقِّقةً 8.3 مليار دولار في الاستثمارات العامة للأطفال والأسر؛ وقد أثبت هذا النجاح أن البيانات والتواصل الاستراتيجي المستدام يمكن أن تؤدي دوراً محورياً في تحسين السياسة والممارَسات العامة على نطاق واسع.

إن مواصلة الاستثمار نفسه لمدة 25 عاماً ليس بالأمر السهل على أية مؤسَّسة؛ لكن هذه المكاسب السياسية تبيّن أن محصّلة مثل هذه المساعي مذهلة لمستقبل دولتنا، وأن تضافر أصواتنا يمكن أن يشكّل صوتاً قوياً مسموعاً للأطفال.

اقرأ أيضاً: التواصل الاستراتيجي يلقى مناصَرة رؤساء المؤسَّسات غير الربحية

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!