
تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الثاني من سلسلة "هذا ليس تقريراً عن أداء التأثير"، التي تحدثنا في جزئها الأول عن الاستثمار المؤثر وسنتعرف في هذا الجزء على بيانات التأثير ومعايير تقارير الأداء المناسبة.
سرّنا المنتشر علناً بيانات التأثير المتقطعة
إن تقطع بيانات التأثير هو سر قطاعنا المنتشر على العلن. وبالتالي يكون السؤال الذي يحب علينا إجابته هو: كيف نحل هذه المشكلة بأفضل طريقة ممكنة؟
وجهة نظر (GIIN)، وفقاً لهذا التقرير نفسه، هي الاستمرار في مسارنا الحالي: جمع المقاييس التشغيلية التي يمكن للشركات إنتاجها واستخدام أبحاث أولية محسّنة لتحويل هذه البيانات إلى بيانات تأثير. وبحسب ما قام التقرير بتسميته، هذا هو مسار "التثليث المُحسن". (من تقرير الشبكة: "إن قيود الموارد المرتبطة بجمع بيانات النتائج مباشرة … تسلط الضوء على فرصة لتوسيع قدرة القطاع على التثليث لإيجاد النتائج بناءً على مجموعات من المخرجات باستخدام التحليلات وأساليب البحث المدعومة بالأدلة".) وبالمثل، فإن منهجية التأثير المتعدد للمال (IMM) التي وضعتها منحة "رايز فاند" (Rise Fund) التابعة لمؤسسة "تي بي جي" (TPG)، وكما هو مُوضّح في مقالة "هارفارد بيزنس ريفيو" لعام 2019، ترتكز على تثليث المقاييس التشغيلية مع "البحث الحالي [الذي] يتحقق من أنها قابلة للتحقيق وقابلة للقياس".
يتمثل قلقنا من منهجية التثليث في أنها تتعارض بشكل أساسي مع الكشف عن التمايز الذي يكمن في صميم دراسة أداء التأثير.
تخيل مرةً ثانية شركتين مُقرِضَتين تعملان في أوغندا. لدى كلتا الشركتين سياسات مكتوبة متشابهة ومنتجات متشابهة وقواعد عملاء متساوية الحجم تقريباً. تخيل الآن أن إحدى المؤسسات تملك مسؤولي قروض يضايقون العملاء بانتظام، ولا يمنحون إجازات مدفوعة خلال أزمة "كوفيد-19″، ولا يتبعون سياساتهم وإجراءاتهم المكتوبة. لن يلتقط أي قدر من التثليث المحسن أبداً الاختلافات في تجارب العملاء لهاتين المؤسستين والفرق الناتج في مدخرات العملاء أو الأرباح أو معدلات السداد أو الديناميكيات الأسرية تبعاً للأدوار الجندرية أو النتائج التعليمية للأطفال.
إذا لم يستطع التثليث التقاط حتى الفجوات الضخمة بين السياسات المكتوبة والسلوكات الفعلية، فلماذا نراهن عليه باعتباره العمود الفقري لفهم أداء التأثير؟
يجب علينا أن نتوقف عن ذلك.
إن تثليث التأثير هو بطبيعته يحد نفسه بنفسه، وهو طريق مسدودة ولا يشكل منحنى متزايداً مواكباً لأداء التأثير. حيث يفترض تثليث التأثير أن الزبون متلقي الخدمة هو زبون تلقى خدمة وأن التأثير المُكتَشف في دراسة واحدة (أو خمس) لمؤسسات متشابهة بما يكفي، يُمكن تعميمه عالمياً. نتمنى لو كان تغيير حياة الناس للأفضل على هذا القدر من البساطة!
يجب أن يكون هدفنا هو التوجه مباشرة إلى أصحاب المصلحة الذين تهدف هذه الشركات إلى تحقيق نتائج أفضل لهم، وأن نسألهم ببساطة عما إذا كانت هذه النتائج تحدث أو لا. حتى لو لم تكن هذه البيانات مثالية، وحتى لو كانت البيانات المبلغ عنها ذاتياً متحيزة في الغالب، فمن المؤكد أنه من الأفضل طلب البيانات والحصول عليها بدلاً من عدم السؤال على الإطلاق.
ابتكارات قياس التأثير
الخبر السار هو أننا نعيش في فترة تسارع هائل وفترة يزدهر فيها الابتكار في جمع بيانات النتائج على مستوى المستفيدين من قبل بعض المستثمرين المؤثرين والمؤسسات الاجتماعية الرائدة في العالم. مؤخراً، شاركت كل من "فلوريش فينتشرز (Flourish Ventures)، وشبكة "أوميديار" في الهند (Omidyar Network India)، و"غلوبال بارتنرشيب" (Global Partnership)، و"ريجميفا" (REGMIFA)، و"براك" (BRAC)، و"مؤسسة روكفلر" (Rockefeller Foundation)، و"سينيارث" (Ceniarth)، و"سولار سيستر" (Solar Sister) تجاربها في جمع البيانات على مستوى العملاء. في سياق مماثل، نشرنا نحن في "60 ديسيبلز" (60 Decibles) في العام الماضي تقريراً عن سبب أهمية الطاقة المستمدة من خارج شبكة الإمدادات يتضمن تصنيفاً حقيقياً لأداء التأثير، يتماشى مع مشروع إدارة التأثير (IMP)، لـ 59 شركة طاقة خارج الشبكة، وكله مبني على ما قاله عملاء هذه الشركات عن التأثير الذي يختبرونه.
أو، بالنسبة لمثال محدد حساس للوقت، فكر في أهمية فهم تأثيرات "كوفيد-19" على مستوى العالم. من الواضح أنه لا يمكن تقييم هذا الأمر بأي نوع من التثليث. وعلى الرغم من ذلك، من خلال السؤال المباشر لأكثر من 52,000 عميل في 32 دولة في الفترة الممتدة ما بين شهر أبريل/نيسان إلى شهر ديسمبر/كانون الأول في عام 2020، حصلنا في "60 ديسيبلز" على فهم تفصيلي ومتباين لكيفية تأثير "كوفيد-19" على حياة الناس. وبالتأكيد إذا تمكننا من الحصول على هذه البيانات شهرياٍ في منتصف جائحة عالمية، فلا بد من وجود طريقة ليتمكن من خلالها قطاعنا من تجميع هذه البيانات في أوقات أهدأ وأفضل.
معايير أعلى
منذ 20 عاماً، في عام 2001، قال جيد إيمرسون متهكماً: "نحن نمول عدداً لا نهاية له من الدراسات لتقودنا نحو حقيقة مبهمة. ويبقى الجواب: نحن ببساطة لا نعلم الحقيقة. بدلاً من ذلك، أنشأنا ما هو في كثير من الأحيان مناورة خداع جماعية حيث يتم إخبار الممولين بما يرغبون في سماعه، ويتم تحرير المستفيدين من تحمل مسؤولية جهودهم بشكل حقيقي".
يتم توظيف الكثير من الجهود ورأس المال المؤثر للاستمرار في قبول التقديرات المبهمة لأداء التأثير. لدينا واجب تجاه الأشخاص الذين يتم خدمتهم من خلال الاستثمارات المؤثرة لتخطي "النتائج المحتملة" وبيانات مخرجات عمليات التثليث والعمل نحو أداء التأثير. في الواقع، إذا اتفقنا أن عملنا يتعلق بهؤلاء العملاء، فيجب علينا جميعاً أن نغضب ونلاحظ الخطأ في كل مرة تغيب فيها أصواتهم عنا في تقرير يتناول حياتهم ورفاههم. من دون تقييماتهم المباشرة، تعزز هذه التقارير المنقوصة المنطق الخاطئ والشائع القائل بأنه من الممكن التأكيد على أن المرء له تأثير في الاستثمارات التي تواجه العميل دون أن يسمع من العملاء مباشرة.
لماذا نستمر في فعل هذا؟ بدلاً من المشاركة في مناورة الخداع هذه، دعونا نتفق أن الوقت قد حان للتخلي عن هذه الأساليب.
الطريق نحو المستقبل
لنتمكن بشكل جماعي من التحسين، نوصي بالخطوات الثلاثة التالية:
- احذروا من تقارير "أداء التأثير" التي لا توفر لكم تقييم الأداء. مصطلح "الأداء" يعني أن بعض المؤسسات تنجز مهماتها على نحو أفضل وأخرى على نحو أسوأ من غيرها. هناك قادة وهناك متلكؤون. إذا كانت منهجية تقييم الأداء الخاصة بكم لا توفر لكم التمييز بين هذين النوعين، فهي إذن ليست منهجية لتقييم الأداء.
- كونوا شفافين حول مصادر البيانات التي لديكم. يجب أن تشير جميع تقارير التأثير بوضوح إلى مصادر بيانات المخرجات التي لديها وإلى الأماكن التي لم تحصل منها على بيانات، بالإضافة إلى توضيح مكان اعتماد بيانات النتائج على عملية جمع البيانات المباشرة بدلاً من "حساب التأثير". يتراجع المجال خطوة إلى الوراء في كل مرة نقوم فيها بطمس الخط الفاصل بين المقاييس التشغيلية وبيانات النتائج التي تم جمعها من أصحاب المصلحة. وإذا كنا كمستثمرين مؤثرين، فإننا نهتم حقاً بالعملاء ونعتقد أن التأثير على حياتهم مهم بقدر أهمية عائدات المساهمين، يجب أن يكون طموحنا هو الاستماع مباشرة إلى هؤلاء العملاء عند تقييم التأثير.
- يجب على محادثات قياس التأثير وإدارته منح الأولوية لبيانات النتائج. حتى ذلك الحين، سيظل تغليف وإعادة تغليف النواتج بتقارير لامعة تظهر أرقاماً كبيرة أمراً مرهقاً وعديم الجدوى. ففي أفضل الأحوال، تعمل هذه التقارير القائمة على المخرجات على تبرير قرارات الاستثمار وجذب المزيد من رأس المال. لكن في أسوأ الأحوال، فهي تديم مناورة الخداع على حساب التعرف على الخطوات الصحيحة لتحقيق نتائج أفضل للعملاء.
ولقد حان الوقت لرفض المنطق القائل إن بيانات أداء التأثير غير متوفرة،في حين أنها متوفرة بكثرة. يمكننا أن نفعل ما هو أفضل من الخداع الضار الشائع الذي استمر لفترة طويلة جداً في قطاعنا هذا متمثلاً بتقارير التأثير التي لا تُبلغ عن التأثير، وتقارير الأداء التي لا تخبرنا شيئاً عن الأداء.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال من دون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.