التمور السعودية تدخل بوابة العمل الخيري في رمضان

3 دقيقة
التمر
shutterstock.com/Brent Hofacker

التمر سيد الموائد في رمضان، والإفطار به من السنن النبوية، فإلى جانب قيمته الغذائية وفوائده الصحية؛ بات رمزاً للكرم والضيافة لدى المسلمين، والمملكة العربية السعودية جعلت منه باباً لعمل الخير، وهدية قيّمة تقدمها للمحتاجين في الدول الأقل حظاً.

بيتٌ لا تمر فيه جِيّاع أهله

أولت الديانة الإسلامية مكانة خاصة للتمر، فقد ذُكرت شجرة النخيل عدة مرات في القرآن الكريم لتؤكد أنها من الثمار السهلة القطف والحلوة المذاق. "وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ" (الأنعام: 6)، "فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ" (الرحمن: 55)، "وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً" (النحل: 67). وأوصى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بأن يكون التمر غذاءً أساسياً في كل بيت، ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها قال: "يا عائِشَةُ، بَيْتٌ لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهْلُهُ" (رواه مسلم).

ويواجه العالم تحديات صعبة مرتبطة بالفقر والجوع مع تأثُر قطاع الزراعة بتبعات التغير المناخي، إذ يعاني 828 مليون شخص الحرمان الغذائي، ولا يزال واحد من كل 9 أشخاص يعيشون تحت وطأة الجوع، وعلى الرغم من ذلك، يسجل الهدر والفاقد من الغذاء 1.3 مليار طن سنوياً؛ ويصل متوسط هدر الغذاء في رمضان إلى 350 كيلو غراماً للفرد الواحد.

وبالتالي يمكن الاستفادة من كل من الأهمية الروحانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتمور في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة، وتحسين المستوى المعيشي للمزارعين والمجتمعات الريفية، وفي خطوة استباقية، تبنّت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" مقترح المملكة العربية السعودية بشأن اعتماد سنة دولية لنخيل التمور في 2027 بهدف رفع مستوى الوعي بإسهام قطاع النخيل والتمور في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي.

من خير الأرض إلى المحتاجين

تكتسب زراعة النخيل وإنتاج التمور أهمية كبيرة في المملكة العربية السعودية، لذا لا عجب أن يتميز شعارها بشجرة نخيل بين سيفين متقاطعين، إذ تحتضن أرض المملكة 34 مليون نخلة، وتنتج 1.6 مليون طن من التمور سنوياً، وتشكّل التمور 12% من إجمالي الإنتاج الزراعي بالمملكة، وتصنف السعودية الثانية عالمياً في إنتاج التمور بنسبة 17% من مجمل الإنتاج العالمي.

وبهدف الاستفادة من التمور في العمل الإنساني، تعمل جمعية التمور للخدمات الإنسانية على صناعة حلول توزيع التمور على المستحقين عبر إطلاق منصة رقمية للتبرعات العينية من التمور، ودراسة تحديات توزيع التمور وتقديم الحلول لها، وتنظيم مشاريع إفطار للصائمين وإدارة تبرعات مزارع النخيل وزكاة التمور وتوزيعها.

كما تستهدف الجمعية معالجة الهدر والفقد في التمور وإعادة التدوير لمنتجاتها، وتمكين الشباب والأسر من ذوي الدخل المحدود للاستثمار في مجال التمور.

وقبل بداية رمضان 2023، وبتكليف من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وزّعت الجمعية أكثر من 3,760 طناً من التمور على 470 جمعية أهلية استفاد منها أكثر من 1.6 مليون شخص في 13 منطقة بالمملكة.

وبالشراكة مع مؤسسة عبدالله بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية، وزّعت الجمعية أكثر من 1,000 طن من التمور على ما يزيد على 3.3 ملايين مستفيد، من خلال 141 جمعية أهلية، ونظّمت إفطاراً للصائمين في 15 موقعاً داخل الحرمين الشريفين.

وكان لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي أُسس في عام 2015، دور في الاستفادة من التمور في عمل الخير، إذ دشن في 5 مارس/آذار عام 2023، مشروع التوزيع السنوي للتمور في المملكة، وتجاوز وزن الكمية الموزعة 19 ألف طن، جرى توفير 4,000 طن منها من الشريك الاستراتيجي للمشروع "برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة"، وذلك بتكلفة إجمالية قدرها 136 مليون ريال، ليستفيد منها 14 مليون شخص.

وفي شهر الصيام، تنفّذ وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد برنامجي هدية خادم الحرمين الشريفين لتوزيع التمور وتفطير الصائمين في عددٍ من الدول بالتنسيق مع سفارات المملكة وعبر الملحقيات الدينية والمشايخ الإسلامية في دول العالم، فقد خُصص مبلغ 5 ملايين ريال لتنفيذ مشروع تفطير الصائمين في 40 دولة عام 2023، ورُفعت مخصصات برنامج هدية خادم الحرمين الشريفين من التمور من 200 طن إلى 500 طن تُوزع على 60 دولة، وفي رمضان الجاري 2024 سيشمل البرنامج 93 دولة حول العالم.

ومنذ عام 2002، تهدي المملكة 4,000 طن من التمور سنوياً، ليصل إجمالي التمور الموزعة حتى الآن إلى 84 ألف طن شملت 130 موقعاً دولياً.

وكان للاجئين حصة كبيرة من تمور المملكة الموزعة حول العالم، ففي عام 2013 أرسلت المملكة 340 طناً مترياً من التمور إلى اللاجئين بجنوب اليمن، بقيمة تخطّت الـ 680 ألف دولار استفاد منها نحو عشرين ألفاً من اللاجئين الصوماليين المقيمين في مخيم خرز، وفي عام 2014، أهدت المملكة 400 طن تمر للاجئين السوريين في مدن تركيا الجنوبية ومخيمات الداخل السوري.

لدى المملكة العربية السعودية تاريخ من العطاء الممتد لعدة عقود، فمنذ عام 1996 حتى عام 2023 قدمت أكثر من 96 مليار دولار مساعدات إنسانية لـ 167 دولة، وظلت محتفظة بمراكز متقدمة في قائمة الدول التي تمنح مساعدات إنمائية عبر العالم على مدار السبعين عاماً الماضية.

ويعد شهر رمضان فرصة لتوسيع نطاق الأعمال الإنسانية والخيرية، فاختارت المملكة التمور لتكون جزءاً من رحلة عطائها وجهودها في مساعدة الفئات المستضعفة والمجتمعات الأقل حظاً.

المحتوى محمي