بدأت كلمة "الابتكار" تصبح أكثر الكلمات الرنّانة التي تفقد معناها وتُستخدم بشكل مبالغ به في هذا العقد، إنها الميزة التي يطلبها كل قائد، مع أن العديد منهم لا يفهمون سبب حاجتهم إليها، أو حتى معناها، ويتحمّسون عادةً في تشجيع الجميع على أن يكونوا مبدعين، مع أن معنى ذلك مبهم بالنسبة لهم على الصعيد العملي. تكون الشركات غالباً مهووسةً بآخر أبرز «التقنيات المزعزعة» المطروحة شهرياً، مع أن فكرة الابتكار لا تعني التكنولوجيا المزعزعة فقط، بل أحياناً لا تعني التغيير على الإطلاق. يتعلق الابتكار في جوهره بنواتج العمل والأشخاص؛ فهو يعني إيجاد طرائق جديدةٍ لإنجاز العمل، والموهبة، وتغيير طريقة الإدارة، ويعني التغيير إلى نماذج عمل جديدة بناءً على التنمية المشتركة ونظم العلاقات مع الشركاء.. إن الابتكار عبارة عن رحلة.
«نحن نواجه اليوم تحديات لم يُسبق لها مثيل في العالم، وهذه التحديات تحفّز الابتكار، وإن مقولة "الإبداع يولد في العزلة" خرافة، فنحن بحاجة إلى أن نتعاون ونتبنى تنوع الآراء كي نحلّ مشاكلنا ونقدّم ما له قيمة. يشارك كتاب «الابتكار الذي لا يعرف الخوف» (Fearless Innovation ) طرقاً لمساعدة المؤسسات في بناء نظم علاقات ناجحة، وإقامة شراكات مع كل أصحاب المصلحة لتحقيق المنفعة المشتركة- من الموظفين والمساهمين والعملاء إلى المجتمعات المحلية. بينما يزداد العالم ترابطاً، يصبح تبني نظام علاقات أساسياً للنجاح؛ ففي نهاية الأمر؛ بمجرد أن يمتزج الإبداع بثقافة المؤسسة ونظام علاقاتها، يصبح بديهياً و مألوفاً ودائماً بحيث لا يحتاج إلى الإشارة إليه أبداً.». أليكس غورياتشيف
يمكن توضيح دورة تطور الإبداع في أعمال أبراهام ماسلو. لمن لا يعرف من هو ماسلو؛ هو عالم نفسي أميركي من القرن العشرين، يشتهر بتطوير مفهوم تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات؛ والذي يُمثّل عادةً بهرم يتألف من خمس مستويات تحتوي على احتياجاتنا الإنسانية المادية والمعنوية.
توجد في قاعدة الهرم أكثر الاحتياجات الفيزيولوجية الأساسية؛ كالغذاء والمأوى والكساء، وفي المستوى الذي يليها، نجد الحاجة إلى الأمان بكافة نواحيه؛ كالسلامة الشخصية والأمن المالي، أما المستوى الثالث، فيتمحور حول الصداقة والعائلة والحاجة للتواصل، ويُعرف هذا المستوى بمستوى الحب والانتماء، وتندرج الحاجة إلى التقدير في المستوى الرابع؛ بما في ذلك تقدير الذات والمكانة الاجتماعية والشعور بالإنجاز، ويعبّر رأس الهرم (المستوى الأخير) عن الحاجة إلى تحقيق الذات، ويدور هذا المستوى بشكل أساسي حول حاجتنا إلى أن نكون الأفضل قدر الإمكان، مركزاً على الحس الأخلاقي والتطور الذاتي والإبداع.
يبين هذا الهرم أنه كلما لُبّيت مجموعة احتياجات، تحلّ محلها مجموعة أخرى، وسيستمر هذا حتى نصل إلى مرحلة "تحقيق الذات"، وبالرغم أن تحقيق الذات مفهوم رائع ينبغي علينا جميعاً السعي لأجله، لكن يبدو أنه بالنسبة لمعظم الناس، فإن المزيد من الرغبات المادية ستظل تحل محل أية رغبة تمت تلبيتها. (سأتوقف هنا سواءً كانت هذه حلقةً لا متناهيةً يلاحظها علماء النفس والأطباء النفسيين، أم لا)؛ المقصد أنه تبعاً للزمان والمكان والظروف، فإن تلبية كل هذه الاحتياجات تمثل تحدياً؛ وخاصةً كلما تقدمنا في مستويات الهرم.
يمكن اعتبار تسلسل «ماسلو» الهرمي أحد الأمثلة العملية على الإبداع الذي يعالج القضايا التي تواجه المجتمع على جميع الأصعدة؛ ملبياً متطلبات سلامتنا الجسدية وتضافرنا الإنساني والتغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، إنه عقلية وتوجه تقدمي، ولا يمكن أن يوجد منفرداً، بل تجده مرتبطاً بالعالم من حوله.
يمكن أن يتجلى هذا المفهوم بمراقبة الكرة الأرضية ليلاً؛ إذ أصدر علماء وكالة «ناسا» في عام 2017 خرائط عالمية جديدةً للكرة الأرضية بعد غروب الشمس من حول العالم؛ والتي كانت تصدر تقريباً كل عشرة أعوام في السنوات الخمس والعشرين الماضية، تساهم هذه الخرائط الليلية المضيئة في تعزيز فهم عالمنا؛ بما فيه من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتغيرة. أول ما ستلاحظه عند نظرك إلى هذه الخريطة هو الظلمة التي تغطي معظم بقاع الأرض، بالرغم من وجود عدد من البقع المضيئة. تغطي معظم المناطق المظلمة البلدان النامية؛ والتي لم تشهد العديد منها آثار الثورة الصناعية الرابعة بعد.
في الوقت الذي يعيش فيه بعضنا في منازل ذكية تتوفر لنا فيها وسائل الرفاهية؛ كأنظمة الري المتصلة بالإنترنت وإمكانية إرسال مسحات قطنية لحمضنا النووي لنطّلع على المادة الوراثية (الجينوم) الخاصة بنا، نصف العالم تقريباً لم يتصل بالإنترنت بعد، وبينما نحن نلهو باستخدام هواتفنا الذكية، ونستخدم تطبيق «تيندر» أو نشاهد مقاطع الفيديو على موقع «يوتيوب»، يفتقر ثلث سكان العالم إلى المياه النظيفة، كما لا يتمكن نصف سكانه من الحصول على رعاية صحية أولية.
إن غايتي من هذه المقارنة ليست الثرثرة أو التسبب بالإحراج أو الخزي لأي شخص، فلا عيب أبداً في الاستفادة من الإمكانات التي وفرتها الثورة الصناعية الرابعة لخوض تجارب متنوعة، لكن طرحت هذه القضايا لأنني أؤمن إيماناً راسخاً أن مسؤولية تحسين الظروف المعيشية للناس في كل مكان تقع على عاتقنا جميعاً. لا يمكن تحقيق تطوير كهذا إلا من خلال الإبداع والإمكانات الاقتصادية؛ ففي النهاية، إن المؤسسات التي تقود هذا التغيير من خلال الاستثمار في جعل العالم مكاناً أفضل، لا تفيد مساهميها فحسب، بل تفيد العالم أجمع.
الابتكار توّاق إلى التحرر
إذا أردت أن يصبح الابتكار جزءاً من مؤسستك، لا يكفي أن تتعاون مع شركات أخرى، بل عليك أن تستفيد من نظام العلاقات كاملاً؛ هذا يعني المساعدة في الابتكار، وإقامة علاقات شراكة مع العملاء والموردين والمؤسسات الأكاديمية والمؤسسات غير الربحية والمدن والحكومات وغيرها. لم تكن كل الأفكار الإبداعية وليدة مكاتب الشركات التقليدية (الإنترنت أول مثال على ذلك)؛ حيث تنفذ الدول والمدن والبلديات سياسات جديدةً بشكل فعال، لتصبح أكثر إبداعاً بحد ذاتها، وتجذب أعمالاً تجاريةً جديدةً وسكاناً جدد، وتوسع المؤسسات الأكاديمية برامج أبحاثها لتشمل روّاد الأعمال، وبدأ المستهلكون يشعرون أن صوتهم موضع تقدير أكثر من أي وقت مضى؛ حيث لديهم العديد من الوسائل للتواصل مع الشركات والتأثير عليهم.
يزوّدنا التشارك مع كامل نظام العلاقات بمجموعة أوسع من الآراء ووجهات النظر، بينما يشكّل التنوع أفضل الفرق، ولا يختلف الأمر عن النظر خارج جدران مكتبك؛ إذ كلّما تنوعت وجهات النظر، تحصد نتائج أفضل. يبني العمل مع مؤسسات ومجموعات أخرى، معرفةً جماعيةً في بيئة إبداعية تتوسع باستمرار؛ فالابتكار ليس مجال شخص واحد أو مبادرة واحدة أو شركة واحدة أو قطاع صناعي واحد أو دولة واحدة فقط، وليس للابتكار حدود أو أصحاب ملكية؛ فعلى غرار الأنظمة مفتوحة المصدر؛ هو متوفر في كل مكان وكل زمان. في النهاية؛ إذا أردت أن تكون مبدعاً، لا يمكن أن تكون شخصاً متعصباً لآرائه؛ عليك التفكير بإبداع، والتشارك مع أشخاص ومجموعات من كل حدب وصوب؛ من عملاء ومدن وحكومات ومؤسسات أكاديمية ومؤسسات غير ربحية.
إقامة علاقات شراكة مع المدن والحكومة
مع أن الخبراء الاقتصاديين الذين يتبنون سياسة عدم التدخل، يرون أن أفضل أشكال تدخل الحكومة في عمل تجاري هو عدم تدخلها على الإطلاق، فإن المدن والبلديات (وبالطبع قادة حكوماتها) هم شركاء نموذجيون، ويلعبون دوراً بالغ الأهمية في الابتكار. في عام 2017، كان ينتقل ثلاثة ملايين شخص أسبوعياً إلى المناطق المدنية في جميع أنحاء العالم، إضافةً إلى نسبة 54% من التعداد السكاني الذي يعيش في المدن مسبقاً، وقُدّر أن هذه النسبة سترتفع لتصبح 66% من التعداد السكاني العالمي بحلول عام 2050؛ هذا عدد كبير من الناس، وهم سيحتاجون مواردَ ووظائفَ وفرصاً وبنىً تحتيةً جديدةً، ووسائل راحة، والكثير غير ذلك، بالإضافة إلى وجود بعض المناطق التي تُفضَّل عن غيرها؛ مما يؤدي إلى هجرة العقول من المدن أو البلدات الصغيرة، أو حدوث نقص كبير في عدد مواطنيها.
استجابةً لذلك، تتنافس العديد من المدن لتصبح مراكزَ للابتكار؛ بتعزيز خبرة مواطنيها، وأحد الطرائق التي يحققون ذلك بها هي إنشاء ملتقيات إبداعية، أو حتى محاولة استقطاب العديد من الشركات والمؤسسات؛ مما يحول كامل المدينة بحد ذاتها إلى ملتقىً إبداعي. إن هذه الملتقيات؛ التي يشار إليها أحياناً بالمجتمعات أو المختبرات أو المراكز الإبداعية، تجمع الشركات الناشئة والمؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والباحثين والعملاء وغيرهم، للبحث في أكثر من مجرد مشاكل سوق العمل، إنها تركز على المشاكل العامة التي تواجه المجتمعات والأفراد حالياً، وتقدم فرصاً رائعةً للابتكار المشترك. تُعتبر الملتقيات الإبداعية المدعومة من المدن مثالاً عن التعاون بين الحكومات المحلية والأعمال التجارية والمؤسسات؛ والذي يعود بالمنفعة على الجميع، إنها تستثمر معاً في إنشاء مجتمعات أقوى؛ فقد أصبحت هذه المدن أماكن أكثر جاذبيةً للعيش، وتقدّم قاعدةً ضريبيةً أكبر وموارد أكثر، كما تعمل الأعمال التجارية على تقديم حلول مربحة وقابلة للتطوير، ويمكن تطبيقها في أي مكان آخر.
لا يجب أن يؤثر حجم المدينة أو البلدة أيضاً، في الواقع؛ كانت مدينتي الأصلية -كارلسباد في كاليفورنيا (يبلغ تعدادها السكاني 115ألف نسمة)- من أوائل المدن التي تبنت هذا المفهوم برؤية واستراتيجية إبداع طامحة؛ حيث بدأت المدينة رحلتها لتحسين حركة التنقل والاستدامة والخدمات الحكومية والمشاركة المدنية؛ وذلك خلال تأسيسها لاقتصاد مشترك بالتشارك مع المؤسسات غير الربحية والأعمال التجارية والمؤسسات المجتمعية والمواطنين. منحت هذه الاستراتيجية المدينة إنعاشاً اقتصادياً مستمراً من مجموعات متنوعة من الشركات الناشئة؛ التي إما تأسست في المدينة، أو انتقلت إليها من أماكن أخرى، كما يرغب العديد من أصحاب العمل المهمين أن يكون مقرهم فيها؛ لما في المدينة من خدمات، ولقيادتها التقدمية ونظام علاقاتها الحيوي. عندما تقوم الحكومات المحلية بلعب دور فعال في تشكيل خطة ابتكار للمنطقة -كما فعلت حكومة مدينة كارلسباد-، سيغدو المواطنون أكثر سعادةً، وستشهد المدينة نمواً اقتصادياً، وتتدفق المواهب، وتُمنح الفرصة للمبدعين لتقديم قيم جديدة.
دراسة حالة: أعمال بلومبيرغ الخيرية.
سُرّح مايكل بلومبيرغ في عام 1981من «سالمون براذرز» (Salomon Brothers)؛ وهو بنك استثماري في «وول ستريت» (Wall Street)، كان قد العمل فيه في عام 1966 كموظف مبتدئ بعد تخرجه من كلية هارفارد للأعمال مباشرةً. حصل على أكثر من ترقية في الشركة خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي؛ شاغلاً مناصب في تجارة الأسهم والمبيعات وأنظمة المعلومات، لكن بحلول عام 1981، وبعد عودته إلى سوق العمل، قرر الانتقال إلى مجال ريادة الأعمال؛ مؤسساً شركةً ناشئةً صغيرةً تسمى «بلومبيرغ إل بي» (Bloomberg LP). تطوّرت هذه المنشأة التي تحمل اسمه عبر السنين؛ لتصبح شركة معلومات مالية وإعلامية وبيانات عالمية وبرمجيات، ويعمل فيها عشرون ألف موظف، وتنتشر في مئة وعشرين دولة، ومع تنامي شركته وثروته، بدأ مايكل بصب اهتمامه على العمل الخيري. لربما كان منصبه كعمدة لمدينة نيويورك لثلاث ولايات -من 2002 إلى 2013- أكثر ما يعرف به، لكن في نهاية الأمر قد يكون أكثر ما يُذكَر لأجله مؤسسة «بلومبيرغ للأعمال الخيرية»؛ وهي مؤسسة خيرية أسسها في بداية عام 2000، تُعنى بالابتكار الفني والثقافي والتعليمي والبيئي والحكومي وفي الصحة العامة.
صرّح مايكل في الرسالة السنوية عن العمل الخيري في عام 2019 بالتالي: «أنا إنسان متفائل؛ أؤمن دائماً أن الغد سيكون أفضل من اليوم، لكنني أيضاً إنسان واقعي، وأعلم أن الإيمان والأمل وحدهما لن يجعلا الغد أفضل، ما يهم هو الفعل.». إن هذا النوع من التركيز على نتائج التنفيذ، هو الذي ساهم في جعل مؤسسة «بلومبيرغ للأعمال الخيرية إحدى أكبر المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة الأميركية؛ سواءً في البحث عن طرائق للمساهمة في حل المشاكل المتعلقة بالتغيير المناخي، أو أزمة المواد الأفيونية، أو العنف المسلح، أو التعليم العام، لا تساهم المؤسسة مادياً فقط، بل تحاول إيجاد حلول قابلة للتنفيذ، وتتجلى جهودها المبذولة بشكل واضح في دعمها للابتكار في حكومات المدن؛ من خلال تقديم الرعاية الفعّالة لفرق الابتكار والرؤساء التنفيذيين للابتكار. تنضم هذه المجموعات إلى حكومات المدن لفترات تمتد إلى ثلاث سنوات؛ بصفتهم مستشارين داخليين في مجال الابتكار، للتركيز على معالجة المشاكل الخاصة بتلك المدن.
نحن لا نتحدث هنا عن قضايا بسيطة سهلة الحل؛ فمنذ عام 2011، ساهمت الفرق المدعوة بـ «آي تيمز» (i-teams) بتخفيض معدل الجرائم في نيو أورلينز، وتخفيف ظاهرة التشرد في أتلانتا، وإيقاف موجة العنف المسلح في ممفيس؛ وذلك أثناء عملها أيضاً على تحسين وضع أحيائها الفقيرة، وكما صرح مايكل: «يعتمد الابتكار الناجح على المقدرة على توليد الأفكار، بقدر ما يعتمد على المقدرة على تنفيذها، وفرق آي تيمز تساعد المدن على تحقيق كلا الأمرين». انطلاقاً من فهم مؤسسة «بلومبيرغ للأعمال الخيرية» لحاجة الكثير من حكومات المدن والولايات إلى موارد إضافية لتجاوز البيروقراطية والسياسات والطرق المسدودة، ولتساعد المواطنين من مختلف المجتعات بشكل فعلي، تشاركت مؤسسة «بلومبيرغ» مع مؤسسة «ليفينغ سيتيز» (Living Cities) لدفع جهودهما المبذولة في الابتكار على مستوى المدن إلى الأمام. تهدف المؤسستان إلى إحداث تأثير فعلي على حياة الناس في أنحاء الدولة؛ باستخدام مزيج من التقنيات والبيانات، وبناء المجتمعات على أرض الواقع.
لا يتعلق الأمر بعدم كفاءة حكومات المدن؛ إذ يتمتع بعضها بذلك على الأقل، أو أن شأن الجماهير لا يهم حكامهم، حقيقة الأمر أنه بدون التركيز على الابتكار بشكل خاص، لن يُنجز العمل المهم؛ فلو كان الابتكار جزءاً لا يتجزأ من بنية عمل حكومات البلديات، لما دعت الحاجة للاستعانة بـهذه «التدخلات للمساعدة في الابتكار»، لكن الأمر ليس بهذه السهولة؛ فالميزانيات محدودة، كما أن الحكومات المحلية لا تُعرف عادةً بسرعتها. حتى يبلغوا تلك المرحلة، ستبقى جهود الابتكار المشتركة؛ كالتي تقدمها مؤسسة «بلومبيرغ للأعمال الخيرية» من خلال برنامج «آي تيمز» الخاص بها، ضروريةً لتنسيق النتائج حول أكثر القضايا المحلية إلحاحاً اليوم.
الابتكار للجميع
تتوفر العديد من الفرص لإقامة الشراكات مع الآخرين وتبادل المعارف والأفكار القيّمة، وستساعدك هذه العلاقات في تحقيق خططك الاستراتيجية المحددة، والاستمرار في النمو، بالإضافة إلى أنها ستجعل من مجتمعك مكاناً أفضل محلياً أو عالمياً. إن الشركات والمؤسسات غير الربحية، والمدن وغيرها من المؤسسات التي تنوي تشارك معرفتها وتبنّي مفهوم بناء نظام علاقات للابتكار، ستلمس حتماً تحسناً في مقاييس الأثر الخاصة بها، بالإضافة إلى عملها من أجل تحقيق المصلحة العامة، وكلما كان نظام العلاقات للابتكار أكبر ، ستزداد منافع الابتكار المشترك التي ستحصدها كل المؤسسات والمنشآت.
تتضمن المجموعات إيجاد أفكار وشراكات وفرص جديدة؛ والتي يحتمل ألّا نحصل عليها باتباع طريقة أخرى، كما تتطور قاعدة معرفية ضخمة عند الاطلاع على ما يجري في القطاعات والأسواق والمجالات الأخرى. بالطبع لن يُلغي ذلك المنافسة، ولن تجد المتنافسين يتوافقون، لكن عندما تُشارك هذه المعرفة وتُمرّر بينهم، يزدهر الابتكار ويزدهر معه المجتمع.
إن الانضمام إلى نظام علاقات معين وإشراك الآخرين به، يمنح المبدعين مجالاً مفتوحاً، وسيتخطون فرقنا وشركاتنا ومجال عملنا، ويبدؤون بلمس تأثيرات أكبر. لا تسئ فهمي؛ إذ على الأرجح أنك اخترت هذا الكتاب للحصول على نصائح لتحسين صافي المبيعات الخاصة بشركتك، لا بشركات الآخرين، لكن يمكن لهذا النوع من الابتكار المشترك أن يحقق كلا الهدفين، بالإضافة إلى إحداث تغيير إيجابي في العالم، وأتمنى أن يكون هذا أمر يمكن أن ندعمه جميعاً.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط،علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.