كيف يكون التواصل الاستراتيجي فعالاً؟

التواصل الاستراتيجي
Shutterstock.com/Mopic
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد قراءتنا المتمعنة لمساهمات زملائنا حول دور استراتيجية التواصل الناجحة في قيادة التغيير الاجتماعي، يسعدنا التعبير عن إعجابنا بما نُشر والمشاركة في هذا النقاش.

في حين أنّ الكثيرين قد كتبوا بتعمّق حول ما يمكننا فعله في حال تَينَّينا التواصل الاستراتيجي، نود الحديث عن سبب أهمية هذا التواصل وكيف يمكننا تسخيره للمساعدة في إحداث تغيير حقيقي ودائم.

أعرب رئيس إحدى الجامعات الكبرى لدارين عن تقديره للطريقة التي نعمل فيها حول قضية اتساع فجوة عدم المساواة في أميركا عندما تولى كل منا مناصب جديدة في «مؤسسة فورد» (Ford Foundation) للتنمية الاجتماعية، وقال: «لديكم الاستقلالية للتحدث علناً حول مختلف القضايا، وهذا ما لا يملكه رؤساء الجامعات، إذ لدي حملة تشغلني لرفع رأس المال ولا يمكنني إغاظة الجهات المانحة».

يبدو هذا صحيحاً، إذ تتمتع المؤسسات بنوع من الاستقلالية، بينما هناك عوامل؛ متمثلة في الضغوط المالية، والتفكير الموجّه نحو السوق، ونهج العمل قصير المدى، تسيطر بقوة على العديد من القطاعات في مجتمعنا؛ بما في ذلك قطاع التعليم العالي والفنون، وحتى القطاع العام.

لدينا اليوم فرصة فريدة لإيصال الحقائق المزعزعة والصعبة للسلطة المتجذرة أكثر من أي وقت مضى، ولا يُستثنى من ذلك القطاع الذي نعمل فيه.

أحد الاقتباسات المفضلة لدينا؛ والمكتوبة كملاحظة في مكتب دارين، تعود إلى مارتن لوثر كينغ، وهي: “العمل الخيري جدير بالثناء، لكن يجب ألا يؤدي هذا إلى إغفال المعنيين للوضع الاقتصادي المجحف؛ والذي يجعل منه ضرورياً”.

تُغني هذه الفكرة عملنا، وتلهم طريقتنا في التعبير عن القضايا الاجتماعية. إنها تضعنا أمام تَحَدٍّ بألا ننقاد للغرور جرّاء الامتياز الممنوح لنا، وتمنحنا إذناً للتساؤل حول سبب وجود العمل الخيري في المقام الأول، والتحدث بصراحة عن الأنظمة المَحلّيّة والعالمية التي «صنعتنا»؛ كما صاغها ذات مرة هنري فورد الثاني، خاصة عندما يستفيد منها البعض أكثر من الآخرين.

نحن نعلم أنّ هذه النصيحة لا تنطبق على كل مؤسسة، ولا نحتاج جميعاً للتحدث بالطريقة ذاتها، لكن في بعض الأحيان نرى أنّ أقراننا يُغفلون فرصاً غير مستغلة للتواصل الصريح. ولنكن صادقين، نحن أنفسنا لا نستخدم دائماً كامل أدواتنا لإحداث التغيير.

من وجهة نظرنا، هناك ثلاث خطوات يمكن لكل مؤسسة اتّباعها، مَحَلّيّاً أو عالمياً، على صعيد التواصل الاستراتيجي:

تنظيم الوقت بفاعلية. لدى «مؤسسة فورد» مهمة واسعة النطاق في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية، والتأثير على مستوى العالم، ولا نفتقر إلى المواضيع التي قد نتحدث عنها. الوقت هو أثمن ما لدينا، ونحن نبذل قصارى جهدنا لاستغلاله على النحو الأمثل. بدلاً من محاولة التحدث في كل الأمور، نربط معظم الفرص بالمواضيع التي تهم القادة ونعطيها الأولوية. ومن خلال قبول دعوات للمشاركات الفاعلة أكثر مما نرفض، فإننا نظهر الإرادة الطيبة ونخلق المزيد من الفرص.

الانفتاح على المخاطرة. تجنبنا عمداً الاستناد إلى نقاط الحوار والرسائل التقليدية عندما يتحدث القادة. ساعد دارين العام الماضي في إقامة حفل لشركة «باليه هسبانيكو» (Ballet Hispanico)، وبالإضافة إلى المشاركة بإعطاء بعض الملاحظات التقليدية حول الشركة، حرصنا على أن نكون خلّاقين من خلال تسجيل مقطع فيديو لنا يُظهر رقصتنا الخاصة. عَكَسَ الفيديو إحساساً بالمرح والموثوقية، أكثر من أي شيء آخر، وقد تفاعَل معه الناس بما يتجاوز توقعاتنا؛ وهذا ما يقودنا إلى النقطة الأخيرة التالية.

الحرص على إظهار الموثوقية. نعلم من خلال استطلاعات الرأي؛ مثل استطلاع شركة «إدلمان تراست بارومتر» (Edelman Trust Barometer)، أنّ الجمهور لا يثق بصورة عامة بالمؤسسات أو قادتها، ويعود سبب ذلك إلى أنه لا يؤمن غالباً أنّ ما يُصرّح به من قبل المؤسسات والقادة هو ما يحدث بالفعل. وعادة ما تظهر رسائلهم على أنها مصطنعة وليست مجدية، وتضيع قيمة ​​التواصل نتيجةً لذلك. هناك الكثير من القادة الديناميكيين والمميزين في مجال العمل الخيري، لكن يتخذ قادة المؤسسات في كثير من الأحيان موقفاً محافظاً، بدلاً من التحدث من منطلق تجربة صادقة يمكن الاعتماد عليها. يكون القادة أكثر فاعلية عندما يكشف تواصلهم عن إنسانيتهم ​​وأوجه ضعفهم في خدمة مهام مؤسساتهم.

في النهاية، نحن نؤمن بشدة بدور العمل الخيري وقوته لدعم الحركات الهادفة لتحقيق العدالة في مجتمعاتنا وإدامتها. وبصفتنا مؤسسة عالمية، يمكننا أن نكون بمثابة ناقل لأصوات أصحاب الرؤى العاملين على الخطوط الأمامية في تلك المؤسسات التي تهدف إلى إحداث التغيير الاجتماعي.

تجعل استراتيجيات التواصل الذكية المؤسسات ذات صلة بالواقع، وإذا كنا كذلك، فإننا نخلق فرصاً للتأثير على الآخرين وبناء شراكات جديدة. ومن خلال جذب شراكات جديدة، نصبح أكثر احتمالاً للمساهمة في إيجاد حلول للمشكلات عبر القطاعات وبطرق عملية ومؤثرة.

نشجع المؤسسات الأخرى على تبني الاستخدام الاستراتيجي للوقت، وتَحمُّل المخاطرة، وإظهار الموثوقية، عندما تفكر في استراتيجيات التواصل الخاصة بها. عندها فقط سنكون قادرين على التأثير على الجمهور، وإلهامه، والتواصل معه، وتحفيز التغيير الحقيقي.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.