اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

من التكنوقراطية إلى السياسة العملية

إعداد : جوي زاميت-لوسيا

 

تم النشر 04 يوليو 2021

شارك
شارك

لكي تنجح الحركة البيئية التكنوقراطية، فإنها تحتاج إلى تحويل أفكارها وعلمها ونظرياتها ونشاطها إلى سياسات عملية قادرة على كسب الأصوات على نطاق واسع.

الحركة البيئية هي في الأساس حركة تكنوقراطية

شاركت مؤخراً في مناقشة عبر البريد الإلكتروني، سلَّطَت الضوء على ما أظن أنه عقبة أساسية أمام تحقيق تغيير ملموس في السياسات البيئية؛ ما أثار النقاش هو تساؤل أحدهم: لماذا يبدو أن الناس – بل في الواقع؛ المجتمع بشكل عام- «يتوقف إدراكهم» عندما يكون الموضوع عن تغير المناخ، فمثلاً من أفكارهم: «ماذا لو كنت متوهِّماً أكثر من أي شخص آخر؟ وإذا كنت فعلاً كذلك، فما هي الحقائق الأكثر واقعيةً التي تتبناها الأغلبية؟»، وكما كان متوقَّعاً؛ أخذ الشخص يندب «غياب القيادة السياسية» في تحقيق التغيير.

كان ردي على بريده الإلكتروني أن المهتمّين منا بتحقيق التغيير في القضايا البيئية هم بالفعل واهمون – جزئياً على الأقل، وأشرت أنه من حسن حظنا أن الكثير منا يعيش ضمن أنظمة ديمقراطية فعالة، لذا يجب أن تكون لدينا القدرة على تحويل أفكارنا إلى سياسة عملية؛ وبذلك أعني أننا بحاجة إلى برنامج سياسي يمكنه كسب الأصوات، وبالتالي؛ كسب السلطة اللازمة لإحداث تغيير حقيقي؛ لكن حتى الآن لم ننجح في ذلك؛ حيث أن البرامج الانتخابية المناصرة للبيئة بهيكليتها الحالية لن تكسب أصواتاً كافيةً لإحداث أي فرق، فلا فائدة من إلقاء اللوم على القيادة الضعيفة، أو القوة والمال المكتسَبَين من قطاع صناعة الوقود الأحفوري، أو ملايين الأسباب الأخرى، لنريح ضمائرنا.

أعتقد شخصياً أن العديد من السياسيين لديهم الرغبة في اتخاذ خطوة ما بشأن التغير المناخي وقضايا الاستدامة الأخرى؛ لكنهم لم يكتشفوا بعد طريقةً للقيام بذلك، ومع ذلك؛ يُعاد انتخابهم. كم كنا عوناً لهم في هذا المسعى؟ إحدى الإجابات المعتادة على هذا السؤال: «لو أنهم «قادة حقيقيون» لقاموا بذلك دون أن يقلقوا هل سيُنتخَبون مجدداً أم لا»؛ هذا الموقف بالكاد يُجدي على أرض الواقع.

بعدها شارك صديق في المناقشة عبر البريد الإلكتروني بسؤاله: «ماذا لو كان من المستحيل وضع مجموعة خيارات سياسية واضحة وقابلة للتطبيق سياسياً؛ والتي يمكن أن تقود تأييداً شعبياً ضخماً في ظل الظروف الثقافية والسياسية والأيديولوجية الحالية؟ هذا لن يكون ذنبنا، أليس كذلك؟».

حسناً؛ إذا لم يكن ذنبنا، فذنب من هو؟ يبدو أن هذا المنطق في التفكير يعيدنا مباشرةً إلى نفس الموقف الإشكالي؛ نحن القلّة «المُحِقّة»، وبقية المجتمع مخطئ أو مخدوع، أو يتجاهل الحقيقة. تساهم طريقة التفكير هذه في ما أسميه عقلية الناشط التكنوقراطي، فقد تناولت قضايا الناشطين في منشور سابق لمجلة ستانفورد للابتكار الاجتماعي؛ تجسّد هذه المناقشة مشكلة التكنوقراطية؛ وهي تكمن في صميم السبب وراء إحساس الكثير من أصحاب الخلفيات الفنية المتمرِّسين بالإحباط من الطبقة السياسية.

يرى الشخص التكنوقراطي أن العلماء والخبراء «يعرفون الإجابة»، ويسلّمون أنها الإجابة الصحيحة – عملياً – حتى لو كان الأمل في إمكانية تطبيقها سياسياً معدوماً، فهذا لا يهم التكنوقراطي الذي يوقِن بوجود إجابة صحيحة، ويقتنع أنه يعرفها، ومن ناحية أخرى؛ يرى السياسي القضية من زاوية معاكسة كلياً. لا يمكنك صنع التغيير دون الوصول إلى السُلطة والمحافظة عليها، إذاً فإن الوصول إلى السُلطة هو الغاية الرئيسية، ويجب أن تركز البرامج السياسية في المقام الأول على الوصول إلى السلطة، ولا تكتفِ بأن تكون مُحِقّةً من الناحية العملية؛ إذا كان أمر كهذا ممكناً أساساً.

إن الحركة البيئية في الأساس حركة تكنوقراطية ناشِطة، فهو يجمع بين الاستياء والتحليلات العلمية والتقنية التي تولِّد الكثير من الأفكار اللامعة والنُهج الإبداعية؛ لكنني لا أرى الكثير من المبادرات تركز على تحويل هذه الأفكار إلى سياسات عملية، وبقولي سياسة عملية. لا أعني كسب تأييد واشنطن بتقديم الأموال؛ كما هو الحال مع مشروع قانون تحديد الانبعاثات وتداولها؛ أعني التنمية البطيئة والدؤوبة لبرنامج سياسي قادر على كسب أصوات حقيقية على نطاق واسع؛ وبالتالي الوصول إلى السلطة التي تحتاجها.

في النهاية؛ يجب تحويل كل الأبحاث والعلوم والنظريات والاستياء إلى سياسات على أرض الواقع؛ نحتاج إلى تحويل المزيد من الموارد الهامة الموجودة لتحقيق هذه الغاية.

اقرأ أيضاً: مواءمة السياسات العامة لصالح مبادرات تحقيق الأثر الجماعي

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!