اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

تفضيل الفعالية على التوسع (الجزء الثاني)

إعداد : جون نيوسوم، أنيشا كابور، إيغور روبينوف

 

تم النشر 07 نوفمبر 2021

شارك
شارك

تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الثاني من سلسلة "تفضيل الفعالية على التوسع" والتي تحدثنا في جزئها الأول عن كيفية توسع نطاق تطبيق الأفكار النيرة وتعزيز الفعالية. أما اليوم في هذا المقال فسوف نتطرق إلى المسارات الثلاث للتوسع بفعالية.

ثلاثة مسارات للتوسع بفعالية

1- التجربة:

جرّب العمل البرنامجي الأساسي وحسنه منذ البداية، ثم راقبه وحسِّنه واختزله حسب الحاجة.

تأسَّس صندوق "ميشين آسيت فَند" (Mission Asset Fund – MAF) في عام 2007 في سان فرانسيسكو، الذي أضفى الطابع الرسمي على نموذج دورة الإقراض الملائم من الناحية الثقافية، مع تقديم التثقيف المالي للعملاء ومساعدتهم على بناء الأهلية الائتمانية، مجاناً. بدأ صندوق (MAF) في عام 2008 بتجريب نموذج دورة الإقراض واختباره وتحسينه في مقاطعة ميشين في سان فرانسيسكو، وهي مجتمع بوابة المهاجرين التاريخيين، حيث إن نسبة 44% من الأسر فيه لا تملك سجلاً ائتمانياً. ولأن هذا متأصل في التقاليد، أضفى النموذج الطابع الرسمي على القروض الاجتماعية بين الأفراد ذوي الدخل المنخفض، والأفراد الذين لا تتوفر لديهم خدمات مصرفية كافية، التي لم تكن رسمية ولا يوجد تقارير كافية عنها سابقاً. ساعد البرنامج المشاركين على بناء أهليتهم الائتمانية، وتعلم استخدام الائتمان، وزيادة أمنهم المالي بصفة عامة، والادخار لأهدافهم طويلة الأمد. شارك 1,111 عميل في البرنامج بحلول عام 2013.

كيف نوسع هذا النموذج؟ أجرى خوسيه كينيونيز مؤسِّس صندوق (MAF)، تقييماً للبرنامج المحلي لمعرفة السمات التي جعلت النموذج ناجحاً للغاية. وأوضح أن "توسيع نطاق دورات الإقراض لم يكن سهلاً بأي حال من الأحوال، فقد استغرق وقتاً طويلاً وجهداً مركّزاً لتحقيقه، لقد أطلقنا عدة إصدارات من البرنامج حتى وجدنا أفضل إصدار منه… اختبرنا جوانب مختلفة من البرنامج محلياً قبل إعادة إطلاقه في مجتمعات أخرى… لذلك عمدنا استثمرنا في التكنولوجيا التي يمكن أن تسهِّل تطبيق رؤيتنا للتوسع. مع الأدوات المناسبة في متناول يدنا، كنا جاهزين للنمو".

عند اتخاذ قرار بشأن النهج الشبكي، جرّد خوسيه العناصر المخصصة لبرنامج (MAF)، وبنى منصة تكنولوجية خلفية لمعالجة القروض وخدمتها. أتاحت الشراكات مع المؤسسات المالية التقليدية لبرنامج (MAF) في النموذج القابل للتوسيع منه معالجة القروض وتوزيع المدفوعات إلكترونياً. إذ تسجَّل حركة الدفعة وتقدم تقارير عنها شهرياً لمكاتب الائتمان، وبالتالي تتيح للمشاركين تأسيس أهليتهم الائتمانية أو تحسينها أثناء هذه العملية. لا يؤمِّن (MAF) القروض في حالة التخلف عن السداد فقط، بل يقدم أيضاً المساعدة الفنية والضمانات ويشرف على وظائف الواجهة الخلفية. توفر الوكالات الشريكة، المتجذرة في مجتمعاتها ضمن كل منطقة جغرافية، وظائف الواجهة الأمامية – فهي تقدم الخدمات للعملاء وتوظفهم، وتنسق تشكيل دورة الإقراض وتوجيهها، وتوفر التثقيف المالي لدعم المشاركين.

يعمل (MAF) الآن في 18 ولاية وفي واشنطن العاصمة، إضافة إلى إقامته علاقات شراكة مع أكثر من 40 مؤسسة غير ربحية. لم تتِح استراتيجية إقامة الشراكات لصندوق (MAF) توسيع نطاق برنامج الإقراض الخاص به فحسب، بل أتاحت للمؤسسة زيادة عدد الأفراد الذين تقدم لهم الخدمة بطريقة تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد أيضاً، وتحقيق أثر أكبر بكثير مما يمكن أن تحققه المؤسَّسة لو كانت بمفردها.

2- الاختبار:

اختبار الأنشطة وتقييمها، وتقييم النهج وتحسينه قبل تطبيقه أو خلال تطبيقه.

تختبر مؤسسة "ووركينغ أميركا" (Working America – WA)، وهي الذراع التنظيمي السياسي "للاتحاد بين نقابات العمال وبرلمان المنظمات الصناعية" (AFL-CIO)، نُهجها ورسائلها من خلال إنشاء تصاميم تجريبية قبل نشر حملاتها لتحويل رأي الناخبين "الذين يسهل إقناعهم". وبهذه الطريقة، تنخرط مؤسسة "ووركينغ أميركا" في الاختبار والصقل الدقيق والسريع على مستوى البرنامج والحملة قبل توسيع نطاق كل برنامج استطلاع رأي ناخب جديد أو برنامج مراسلة رقمية.

تأسَّست مؤسسة "ووركينغ أميركا" في عام 2003 – باعتبار برامجها في أوهايو وواشنطن برامج تجريبية، كان الهدف الأولي لها هو بناء "كثافة" في المجتمعات التي تحتوي عدداً كبيراً من النقابات، لزيادة نطاق برنامج (AFL-CIO) السياسي. بحلول انتخابات عام 2008، سجلت مؤسَّسة "ووركينغ أميركا" أكثر من مليوني عضو و27 مكتباً ميدانياً في جميع أنحاء البلاد. أجرت مؤسسة "ووركينغ أميركا" في عام 2011 تجربة مع "مؤسَّسة المحللين" (Analyst Institute – AI)، وهي مؤسِّسة رائدة في التحليلات المحوسبة في الحركة التقدمية، لتكون هذه المرة الأولى التي يقيَّم فيها "تأثيرها في الإقناع" ويُتحقَّق منه. لكن على مر السنين، أجرت مؤَسسة "ووركينغ أميركا" أكثر من 150 تجربة عشوائية صغيرة وأقامت شراكة مع "مؤسسة المحللين" للنظر في بياناتها التجريبية التاريخية – التي جمعت 6 سنوات من التجارب – لتوقع أي الناخبين يحتمَل أن يغيروا رأيهم في التصويت لصالح مرشح تقدمي عندما أجرى استطلاع مؤسسة "ووركينغ أميركا" محادثة متعمقة معهم.

طورت مؤسسة "ووركينغ أميركا" في عام 2015 "برنامج التجارب المدروسة" (Experiment Informed Program – EIP)، الذي لا يزال سارياً حتى يومنا هذا، حيث يؤدي الاختبار على نطاق ضيق إلى بناء النماذج ثم التوسع. أوضح مات موريسون، المدير التنفيذي للبرنامج في ولاية واشنطن، في مقابلة أجراها: "كل شيء في العالم هو سؤال لوجستي، عليك أن تتعمق في خدماتك اللوجستية لفهم أوجه الترابط بين كل خطوة ومدى تحسينك لكل عنصر. نحن في تعلم مستمر لأنظمتنا الإدارية والتأثيرات السببية. أصبحنا قادرين على التعلم بسرعة وتطبيق ذلك في بيئة الحملة. كنا بحاجة إلى التحقق من صحة نماذجنا، وتتبع دوام تأثيرات العلاج، ودمج الرؤى في تجاربنا، وقد أتاح هذا لنا وضع دراسة تحليلية مقارنة".

على الرغم من أن الحملات التي تطلَق لكسب الناخبين المتقلبين نادراً ما تنجح، إلا أن نهج مؤسسة "ووركينغ أميركا" قد أثمر. "أجرت مؤسسة ووركينغ أميركا تجارب في عام 2016 وجدت بؤراً مفاجئة من الناخبين المقتنعين برسائلها. ثم استهدفت هؤلاء الناخبين بشكل مكثف لتحقق تقدماً وتوقفت عن التحدث إلى الناخبين الذين كان تفاعلهم سلبياً. إنه نهج قوي. من دراسات التحقق، نقدّر أن الاستهداف المتغير لمؤسسة ووركينغ أميركا أدى إلى توليد آلاف الأصوات الإضافية. كان من الممكن أن يتطلب الحصول على هذه الأصوات ملايين الدولارات في حال اتباع تكتيكات أخرى. وبالتالي، فإن ما يسمى ببرامج التجارب المدروسة يقدم توصيات استهداف مستندة إلى البيانات تحقق أداءً أفضل من التوصيات الحالية لمرشدي الحملة المستندة إلى التصويت أو مجموعات المناقشة أو الحدس".

3- التكرار:

دوّن النموذج من خلال الاختبار المتكرر الممتد على عدة سنوات لبناء "الأدلة" التي تنوي توسيع تطبيقها.

يعد برنامج "شراكات ممرضات الأسر" (Nurse Family Partnerships -NFP) المعيار الذهبي في القطاع للأثر المبني على الأدلة، وهو برنامج مجتمعي صحي أقنع نموذجه المبني على أكثر من 40 عاماً من الأدلة المستمدة من "التجارب المنضبطة المعشاة" (Randomized Control Trials – RCT)، إدارة الرئيس باراك أوباما بتقديم استثمار ضخم لنهجهم.

بدأت القصة في أوائل السبعينيات، عندما بدأ ديفيد أولدز في تطوير برنامج زيارة الممرضات لمنازل اللواتي أصبحن أمهات لأول مرة ولأطفالهن. على مدى العقود الثلاثة التالية، واصل هو وزملاؤه اختبار البرنامج في ثلاث تجارب منضبطة معشاة منفصلة على ثلاث فئات سكانية مختلفة، إذ أجريت 14 دراسة متابَعة لتتبع نتائج المشاركين في البرنامج في التجارب الثلاثة (وما زالت تجري حتى الآن).

أسسوا "المركز الوطني للأطفال والعائلات والمجتمعات" كاستراتيجية للتوسع، والذي يعمل كمؤسسة مكرسة لتكرار برنامجها في مجتمعات جديدة، بناء على النموذج الذي اختُبِر في التجارب. تمحور عمل التكرار الوطني حول ثلاث وظائف رئيسية:

1. مساعدة المؤسسات والمجتمعات على الاستعداد لقيادة البرنامج واستدامته مع مرور الوقت.

2. تدريب الممرضات وتزويدهم بمبادئ توجيهية تنظيمية لتمكينهم من قيادة البرنامج بتقديم مستوى عالٍ من الرعاية الطبية المتميزة.

3. أنشطة البحث والتقييم وتحسين الجودة المصممة لتحسين البرنامج المستمر وتنفيذه.

تبقى الأسس الاستدلالية لنموذج "شراكات ممرضات الأسر" من بين أقوى الأسس المتاحة للتدخلات الوقائية المقدمة للاستثمار العام، التي تخدم أكثر من 340 ألف عميل في 40 ولاية والمجتمعات القبلية منذ أن بدأ تكرار البرنامج في عام 1996.

نماذج تستحق اتباعها

حققت كل مؤسسة من تلك المؤسسات في نهاية المطاف نمواً وأثراً هائلين في قطاع كل منها، لكن جميعها استغرقت وقتها لوضع خطط مدروسة لقياس عملها وتدوينه. يجب أن تكون الدروس المقدمة للمؤسسات غير الربحية والممولين واضحةً: استثمر في المؤسسات والبرامج الواعدة ونمِّها بطريقة تعزز تفضيل الفعالية على النمو الملحوظ والتوسع. ابدأ ببناء النموذج وصقله وتثبيته، ثم حدد العناصر التي يجب تكرارها عن طريق تدوين النموذج وتتبع المقاييس الرئيسية، ثم خطط للتوسع بأسلوب مستدام ومؤثر في الحالة المثلى، مع وجود "أدلة" في متناول يدك.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!