اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

سلسلة العمل التعاوني: 3 دروس مستفادة من الأزمات عن التعاون وتحقيق التأثير

إعداد : غابرييل فيتزجيرالد

 

تم النشر 02 ديسمبر 2021

شارك
شارك

تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الأول من سلسلة "ما الذي تعلمناه من العمل خلال الأزمات عن العمل التعاوني وتحقيق الأثر"، التي سنتحدث فيها عن ضرورة أن تكون استراتيجيات مؤسسات الأثر الاجتماعي فعالة لمواجهة الأزمات.

يعد اتباع استراتيجيات مثل اتخاذ القرارات العاجلة وتنحية الأنانية جانباً بالغ الأهمية خلال الأزمات، وقد يحسن جودة عملنا اليومي أيضاً.

نقلت "كاف-إفريقيا" (CAF-Africa) 81 مليون قطعة تقريباً من معدات الحماية الشخصية جواً إلى اثني عشرة دولة في إفريقيا، لتوفير الحماية لمليون أخصائي صحي محلي تقريباً خلال جائحة "كوفيد-19".

إن الضغط مرهِق، لكن أدمغتنا تتكيف خلال ذلك بشكل ملحوظ. في الواقع، وفقاً لخبراء في علم النفس الصحي مثل لوريل ميلين، إذا دربنا أدمغتنا "لتتكيف مع فترات الضغط الشديد التي نمر بها، فستتحسن جميع جوانب حياتنا تقريباً". بعبارة أخرى، يمكننا استبدال الأنماط العقلية التي تثبطنا بالأفكار والاستراتيجيات التي تهيئ عقولنا للعمل والمرونة.

وأجد إمكانات مماثلة لمؤسسات الأثر الاجتماعي. يؤدي إتقان الاستراتيجيات التي تخدمنا خلال الأزمات إلى تحسين جذري في الطريقة التي تعمل بها مؤسساتنا، حتى بعد انتهاء الأزمة بزمن طويل.

أسهمت خلال العام الماضي في إطلاق مبادرتين للاستجابة لجائحة "كوفيد-19": الأولى تسمى "صندوق تمويل الإجراءات المتعلقة بجائحة كوفيد-19 في إفريقيا" أو يسمى اختصاراً "سي أيه إف – آفريكا" (COVID-19 Action Fund for Africa – CAF-Africa)، وهي عمل تعاوني بين أكثر من 30 شريكاً لتوفير معدات الحماية الشخصية (PPE) للأخصائيين الصحيين المحليين في إفريقيا، والمبادرة الثانية "خلية عمل الجائحة" (Pandemic Action Network)، التي أسهم ما يزيد على 120 عضواً من خلالها في تسريع الاستجابة العالمية لجائحة "كوفيد-19" وتهيئة العالم للجوائح المستقبلية.

أجبرتنا الجائحة على العمل في حالة استنفار خلال الأزمات كحال العديد من المساعي الأخرى، فقد اضطررنا إلى تشكيل الفرق وحشد الشركاء بسرعة كبيرة والعمل بأساليب غير تقليدية. وتمكنت المبادرات رغم التحديات من شراء ما يزيد على 81 مليون وحدة من معدات الحماية الشخصية في إفريقيا وبلّغت أكثر من 3.5 مليارات شخص في 117 دولة بأهمية ارتداء الكمامات.

برز 3 نُهج بين النُهج التي اتبعناها: تشكيل شراكات فضفاضة، وتنحية الأنانية جانباً، والتصرف بعجالة. ومع أن هذه الاستراتيجيات ليست حديثةً في القطاع الاجتماعي، فقد أثبتت أنها كانت عاملاً أساسياً لنجاحنا خلال الجائحة. أعتقد أن المؤسسات الأخرى تجدها عاملاً أساسياً أيضاً، لأنها تتضافر معاً في فترات الرخاء التي لا تكون خلال الأزمات لتسريع عملية تقدمها مهما يكن نوع القضايا التي تعالجها.

1. عقد شراكات فضفاضة

تقيَّد العديد من الأعمال التعاونية بالعناصر الأساسية المكونة لها. أحياناً، يضيّق القائد أو المتبرع منظور المجموعة وجدول أعمالها. على حين تعمل مجموعات أخرى وفق إجماع الأغلبية المطلقة، لكن لا يتفق أعضاء المجموعة إلا على عدد قليل من الإجراءات. في مثل هذه الحالات، تخفق المبادرات في الاستفادة من كامل مجموعة الخبرات والأنشطة المتاحة لها.

إحدى السبل التي تستطيع المؤسسات عبرها التخلص من هذه القيود هي تشكيل شبكات أو شراكات "فضفاضة" توازن بين الاستقلالية والدعم. يسهم أعضاء المجموعة بما في مقدورهم ويعتمدون على المجموعة عند الضرورة، لكن المجموعة لا تتبع قيادة عضو واحد ولا تتحدث نيابةً عن كل أعضائها طوال الوقت.

تطبق المجموعات التعاونية الفنية هذا النموذج باستمرار. فمثلاً في الستينيات بمدينة نيويورك، جمع "مسرح جودسون للرقص" (Judson Dance Theater) مصممي الرقصات والموسيقيين والكتّاب والفنانين التشكيليين تحت مظلة جمالية مشتركة. لم يكن للمجموعة مدير ولم تفرَض فيها إلا قلة من القواعد الرسمية. فبدلاً من ذلك، تعاون الأعضاء في إجراء أي تبديلات تحقق أهدافهم المشتركة في استكشاف النمط والهيئة. كان الأعضاء مثل مصممة الرقصات "تريشا براون" نشطين جداً، أنشؤوا عشرات من الأعمال المختلفة أسهموا فيها، أما آخرون مثل "آندي وارهول" كانوا يقدمون مساهماتهم من حين لآخر فقط. مع أن المساهمين كانوا يتناوبون، كان الحضور الجماعي والنتائج دائمة، ما جعل المسرح مؤثراً وغزير الإنتاج. أنتج مسرح "جودسون" ما يقرب من 200 عمل مسرحي خلال العامين اللذين عمل فيهما وأصبح صوتاً رئيسياً في تحديد رقصة ما بعد الحداثة في الولايات المتحدة.

للحصول على المستوى ذاته من النشاط، كان على مبادرة "خلية عمل الجائحة" توحيد مجموعة خبراء في السياسة والصحة العامة والمساواة والتواصل وفي عشرات المجالات الأخرى، واتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة على عدة جبهات في الوقت نفسه. لذا، جعلنا المرونة جزءاً من حمضنا النووي. إذ يستطيع الأعضاء الإنضمام إلى أنشطة محددة، مثل المشاركة في التوقيع على وثيقة سياسة أو استخدام منصاتهم لمشاركة رسالة ما. لكن الأهم من ذلك، أن الشبكة تنشئ منتدى يتعلم الأعضاء فيه بعضهم من بعض ويدعمون الاحتياجات اليومية. كما توضح شروط العضوية أن قيادة المبادرة تستطيع التصرف دون التشاور المستفيض الذي يستغرق وقتاً طويلاً: لا يحقّ للأعضاء استخدام حق النقض ضد أنشطة المبادرة، لكنهم غير مسؤولين عن كل ما تفعله.

أتاح هذا التراخي للمبادرة مواجهة مجموعة من التحديات بسرعة وقوة. وقد ساعدنا ذلك في صياغة سياسات الرئيس بايدن حول الجائحة، ودعم حملات التوعية العامة الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز أكبر مسعىً في العالم لتوفير اللقاحات للبلدان المنخفضة الدخل. تتيح الاستفادة من نقاط قوة كل عضو متى دعت الحاجة تحقيق تأثير واسع وعميق.

يمكنك الاطلاع على الجزء الثاني من هذه السلسلة التي بعنوان: "ما الذي تعلمناه من العمل خلال الأزمات عن العمل التعاوني وتحقيق الأثر"، من هنا.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!