ما هي الشبكات الاجتماعية وما تأثيرها العميق على شباب الشرق الأوسط؟

8 دقيقة
الشبكات الاجتماعية
shutterstock.com/Antlii

تحمل الثورة الرقمية وعوداً هائلة للبلدان النامية، ولا سيما في الشرق الأوسط الذي يعيش تحديات غير مسبوقة. ونظراً إلى أن نسبة الشباب الذين يمهدون طريقهم في عالم رقمي سريع التطور تجاوزت نصف إجمالي عدد السكان، أصبح التأثير المتبادل بين المنصات الرقمية والأعراف الثقافية حافزاً قوياً للتغيير الاجتماعي.

يتناول كتابنا: "الربط الرقمي المزدوج: التغيير والسكون في الشرق الأوسط" (The Digital Double Bind: Change and Stasis in the Middle East)، التأثير العميق للتكنولوجيا الرقمية على تشكيل الهوية الجماعية والهياكل المجتمعية، وهو ما يتجلى بوضوح في مجال الشبكات الاجتماعية.

فجوة بين التطلعات والواقع

يتبع الشباب أنماطاً جديدة من التعبير والمشاركة في تفاعلاتهم مع الشبكات الاجتماعية، إذ تتحدى هذه التفاعلات الأدوار التقليدية للرجل والمرأة وتُعلي الأصوات المهمشة في المناقشات العامة، لكنها تكشف أيضاً عن معاناة سكان المنطقة في التوفيق بين التطلعات إلى التغيير وواقع الأنظمة الراسخة؛ تولّد هذه التفاعلات دورات يتناوب فيها التمكين الاجتماعي مع الخضوع لرأي الأغلبية، والصراع على القيم مع الاستسلام للضغوط.

ثمة معضلة في الانفصام بين رؤى الشباب الشخصية ومحيطهم الاجتماعي، حيث إن الظروف نفسها التي تدفع إلى التغيير تحول دونه. ففي حين يدفع تبنّي التكنولوجيا الرقمية وتكييفها الحكومات والسوق والجمهور للعيش ضمن فضاء رقمي شامل، تعوق هذه المساعي زخم التغيير العميق في المنطقة بطريقة متناقضة.

يسلط هذا المقتطف من الفصل الرابع عشر الضوء على الآثار المتعددة الأوجه للتكنولوجيا الرقمية في التغيير الاجتماعي، ويقدم رؤى حول الحياة الرقمية للشباب في الشرق الأوسط.

تجربة الشباب مع وسائل التواصل الاجتماعي

تتشكل التجربة الحياتية للشباب في هذه الأيام من خلال ما يعيشونه على الإنترنت وعلى أرض الواقع، ونظراً لاتصالهم الدائم بالمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت تمثل الوسيط في العلاقات الشخصية التي تتميز بها الشبكات الاجتماعية التقليدية (الأصدقاء والعائلة بصورة رئيسية).

يقضي الناس في منطقة الشرق الأوسط 3.5 ساعات يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي إذ ينشطون في المتوسط على ما يقرب من 8 منصات مختلفة، ويستخدم 9 من كل 10 شباب منصة واحدة على الأقل من منصات التواصل الاجتماعي يومياً. تختلف أنماط الاستخدام وإمكانية الوصول في المناطق والبلدان المتنوعة اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، ولكن المعدلات المرتفعة لتبنّي وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة تنسجم عموماً مع التوجهات العالمية ومع أنماط الاستخدام في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

تهيمن المملكة العربية السعودية ومصر على وسائل التواصل الاجتماعي؛ تُظهر بيانات عام 2022 أن مصر التي تعدّ الدولة الكبرى في المنطقة من حيث عدد السكان تعد سوقاً محلية رئيسية لمنصة فيسبوك، إذ يبلغ عدد مستخدميها عبر الهاتف المحمول أكثر من 44.7 مليون مستخدم شهرياً (42.5% من السكان)، مقارنةً بأكثر من 11.4 مليون مستخدم (32% من السكان) في السعودية، وهي أكبر سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة.

لكن بيانات استخدام منصة إنستغرام متقاربة في البلدين، إذ يبلغ عدد مستخدميها في المملكة 15.45 مليون مستخدم وفي مصر 16 مليون مستخدم، كما أن المملكة لديها أكثر من 29.3 مليون مستخدم نشط على منصة يوتيوب وتهيمن على منصتَي سناب شات (مع 20.3 مليون مستخدم) وتويتر -مع 14.1 مليون مستخدم قبل إطلاق شركة ميتا لمنصة "ثريدز" (Threads) الشبيهة بتويتر- على المستوى الإقليمي.

على الصعيد العالمي، تحتل السعودية المرتبة السادسة بين أكبر أسواق منصة سناب شات، والثامنة بين أكبر أسواق منصة تويتر؛ ما لا شك فيه أن الشباب يحفّزون نمو وسائل التواصل الاجتماعي هذه باستمرار، إذ يقود جيل الألفية عمليات تطوير منصتي تويتر وفيسبوك، ويغذّي الجيل زد النمو الذي تشهده منصتا سناب شات وإنستغرام، ويهيمن جيل ألفا على تطبيقات البث المباشر مثل تيك توك ولايكي (Likee) وتويتش (Twitch).

يشير الفحص الدقيق لتبنّي وسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط إلى استمرار التفاعلات والاستخدامات الشخصية والمهنية لها وتنوعها وتناميها، ومن الصعب حصر تنوع تفاعلات الشباب على الإنترنت، ولكن من الممكن تسليط الضوء على التوجهات المشتركة وتحديد الخصائص المميزة استناداً إلى أنشطة المستخدمين وعاداتهم في تفاعلاتهم الواسعة النطاق القائمة على الإنترنت، التي ترتبط بتوفر بنية تحتية أفضل.

كما يشاهد الشباب في الشرق الأوسط  مقاطع الفيديو (47%) والموسيقى (34%) ويقومون بمشاركتها، وذلك يتوافق مع التوجهات العالمية. ولكن، عندما يتعلق الأمر بمشاركة المحتوى الشخصي عبر الإنترنت، يتفاوت نشاط الشباب في المنطقة بطرائق تعكس سياقاتهم الاجتماعية والثقافية، إذ يشارك 65% في لبنان صوراً أو مقاطع فيديو شخصية مقارنة بـ 26% في قطر. وبالمثل، يميل الشباب في المنطقة إلى الاطلاع على الأخبار بصورة أساسية من مصادر على الإنترنت (61%) وعلى الترفيه من المواقع الرقمية، بما فيها التي يبثها المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي (50%).

والأهم من ذلك أن المستخدمين الشباب ليسوا مجرد مستهلكين سلبيين للمحتوى، فهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لاكتشاف هوياتهم وممارستها والدفاع عنها، بدءاً من الناشطات الإلكترونيات اللاتي يستخدمن وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بالمساواة بين الجنسين وصولاً إلى الشباب الأمازيغي الذي أطلق حملة صحية بلغته الأصلية.

ويستفيد شباب آخرون من الشبكات الاجتماعية من أجل تحقيق التنمية الذاتية والمساعي المهنية، إذ يستخدم كثير منهم وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل أو ترويج أنفسهم أو التعرف على فرص العمل، في حين يستخدم الشباب الأكثر مغامرة وسائل التواصل الاجتماعي منصات تسويقية.

ويُعد المبتكرون الشباب على وجه الخصوص رواداً في استخدام الشبكات الاجتماعية للإعلان عن الخدمات وإجراء العمليات التجارية وتنظيم عمليات تسليم المنتجات. ببساطة، تبنّى الشباب وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أسلوب حياة وأسلوب عمل، سواء لإنتاج المحتوى واستهلاكه، أو لإظهار التضامن، أو لتطوير الأعمال التجارية.

يحتاج تحليل الأهمية المتزايدة للرقمنة في حياة الشباب إلى وضع هذا التطور في سياق التحولات السياسية والهياكل الاقتصادية؛ فسياسات الحكومات ومقتضيات السوق حفزت الشباب على تطوير المهارات الرقمية التي فرضتها الحكومات ودمجتها في البرامج التعليمية، فأصبحت هذه المهارات بوابة للوصول إلى فرص التوظيف وريادة الأعمال والاستثمار، وساعدت الشباب على شق طريقه في مجال واسع وغير محدود يستهلك الجهد والوقت يتداخل فيه الإعلام والتواصل والإبداع، وأصبح العمل عبر الإنترنت أمراً طبيعياً بالنسبة للمستخدمين الماهرين في استخدام تكنولوجيا التواصل. ينقل هؤلاء الشباب الآن المعلومات، ويدافعون عن مواقفهم الأيديولوجية، ويعبّرون عن آرائهم في مختلف القضايا، ويعبّرون عن فهمهم الخاص للشؤون اليومية من خلال إنشاء المحتوى ونشره ومشاركة المنشورات والإعجاب بها والتعليق عليها.

ويدعم الإعلام والتواصل والإبداع مجتمعين تنمية الأصوات الفردية، إذ يتبنّى عدد متزايد من المستخدمين الشبكات الاجتماعية منبراً للتعريف عن أنفسهم وتميُزهم باعتبارهم أفراداً ذوي أصوات مستقلة، لكن هذه الأصوات مجزأة ومشتتة على الرغم من أنها تفرض حضورها وتنتشر بقوة. تشمل هذه التفاعلات أيضاً معلومات مضللة وسلوكيات غير موثوقة وعمليات احتيالية تحاكي الانحرافات الشائعة في التفاعلات التقليدية خارج فضاء الإنترنت، ما يؤكد حاجة المستخدمين جميعهم إلى تنمية مهارات المعرفة الرقمية.

لا تناقض بين الفردية والجماعية

يُعيد العيش في عصر الشبكات الاجتماعية تشكيل القيم الاجتماعية، بل يتحدى هذا النوع من الثقافة الجماعية التي سادت لفترة طويلة في الشرق الأوسط. عملياً، ثمة شكل من أشكال التعايش الهش بين الإحساس التقليدي بالانتماء إلى جماعة تعطي الأولوية لمصالحها على مصالح أفرادها، وبين تعبير متنامٍ عن الفردية التي تتسم بالسعي وراء أهداف ومصالح شخصية تعلو على أهداف الجماعة ومصالحها. فمن ناحية، تشمل الشبكات الاجتماعية التفاعلات والعلاقات الشخصية التي تشكل أساس المجتمعات الجماعية، وتستند هذه التشكيلات الاجتماعية بوضوح إلى معالم الهوية المشتركة التي تشمل القرابة والجنسية واللغة والمصالح والعقيدة الدينية. ومن ناحية أخرى تعزز الشبكات الاجتماعية المبنية على وسائل التواصل الاجتماعي الهوية الفردية أكثر من الهوية الجماعية، إذ يتميز الأفراد ببراعتهم التقنية وإبداعهم في المحتوى وقدرتهم على استقطاب المتابعين.

لم ينشأ التوتر بين تعبير الشباب عن أصواتهم الفردية وانتمائهم إلى المجتمع مع الرقمنة، فقد أدى ظهور القنوات الفضائية في تسعينيات القرن الماضي في البداية إلى مخاوف من أن يؤدي الوصول إلى محتوى إعلامي يتجاوز الحدود إلى تفكك الشعور بالانتماء المجتمعي، وأن انتشار القنوات والتشتت الفعلي للجماهير يمكن أن يؤدي إلى تآكل الشعور بالتماسك الاجتماعي الوطني والعربي. لكن انتشار وسائل الإعلام غذّى إحساساً متجدداً بالانتماء للعروبة، المتمثل بالانتماء إلى مجتمع لغوي وجغرافي وثقافي أوسع يتجاوز حدود الدولة، وبالمثل، لا تتناقض الذات الفردية في العصر الرقمي مع الذات الجماعية، بل ترتبط بها.

يتجلى التوتر بين الهوية الفردية والهوية الجماعية في النشاط الاجتماعي، بشكليه البديل والأصيل، في تغير المفاهيم حول الخاص والعام. أسهمت الشبكات الاجتماعية الرقمية في ظهور أشكال جديدة من التواصل الاجتماعي، بما فيها ما يتعلق بالخصوصية على الإنترنت والمنشورات العامة، تشمل هذه الأشكال الرقمية من التواصل الاجتماعي تطبيقات المواعدة مثل تطبيق تندر (Tinder)، الذي يستخدمه ما يقدّر بنحو 14% من سكان المنطقة. ومع تحويل جيل الشباب العربي لأوقات فراغه إلى وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث، تتجلى هذه التوترات المستمرة بدرجة أكبر في الفضاء الرقمي، وسواء كان الفصل بين الحيزين الخاص والعام فرضاً اجتماعياً أو دينياً، فقد تحدّت المساحات الرقمية المفتوحة نسبياً هذا الفصل، إذ أعاد الشباب تعريف معايير الخصوصية من خلال تضمين مجتمعات وأفراد معينين بصورة انتقائية على الإنترنت أو استبعادهم.

تستفيد الأشكال الجديدة من التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط من إمكانات المنصات حيث يشارك الشباب، وخاصة النساء، صوراً رمزية بدلاً من صورهم الشخصية ويقيدون ظهور حساباتهم ويستبعدون بعض الأصدقاء وأفراد العائلة من حساباتهم "الرسمية" أو ينشئون حسابات موازية ويستخدمون أسماء مستعارة. يدرك الشباب مستوى الخصوصية الذي يتمتعون به، خاصةً مع قبول الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي والاعتراف بها أمراً طبيعياً ومع تزايد إمكانية استخدام الملفات الشخصية والصور بسهولة.

كما أن استخدام الأجهزة الشخصية عزّز قدرة الشباب على إبراز هوياتهم وتأكيد فرديتهم، وأصبح قضاء ساعات طويلة في التفاعل عبر الشبكات الاجتماعية يعد تواصلاً مع الآخرين وقضاءً للوقت معهم. ولكن يشير جوهر هذه الأنشطة إلى صعود سمات جماعية جديدة تتجاوز الحواجز القائمة، وفي حين يميل الشباب إلى الابتعاد عن مجال السياسة الرسمية (وغالباً لا يثقون بها)، فهم يشكّلون تجمّعات حول قضايا "السياسة اليومية" التي تتمحور حول المواضيع التي تؤثر فيهم على المستوى الشخصي والتحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، بما فيها مواضيع متنوعة مثل البطالة والبيئة والهجرة وحفلات الرقص. ولأن الشباب يقعون في الطرف المتلقي لسياسات الدول وخيارات الحكومات التي تؤثر في حياتهم، فهم يحاولون باستمرار تشكيل هوياتهم وأدوارهم وتنميتها داخل مجتمعاتهم، وتعكس طريقة تفاوضهم على أهمية صوتهم وحضورهم على الشبكات الاجتماعية التوتر بين الهويتين الجماعية والفردية الذي يحرك النشاط الاجتماعي بمستوياته المتعددة.

ومن الأمثلة على ذلك مسلسل "عايزة أتجوز"، وهو مسلسل تلفزيوني مأخوذ عن كتاب مستوحى من مدونة واستوحي منه مسلسل على نتفليكس لاحقاً؛ يكشف محتوى المسلسل بقصته وشخصياته وإنتاجه السردي المتعدد الأنماط الكثير عن الصراع بين الهويتين الجماعية والفردية. في عام 2006، عندما ركزت عدة مدونات مصرية على القضايا السياسية المحيطة بخلافة مبارك، أنشأت الشابة غادة عبد العال من مدينة المحلة الكبرى، وهي مدينة صناعية كبيرة في مصر، مدونة تنشر تجاربها الشخصية والتحديات التي يواجهها كثير من صديقاتها في أثناء تعاملهن مع المعايير الاجتماعية والثقافية في بحثهن عن زوج، فوثّقت لقاءاتها وناقشت تجاربها باستخدام تدوينات بارعة وناقدة ومؤثرة على غرار المدونات التي انتشرت سريعاً بين جيل من الشباب المصري الذي يواجه المشكلات نفسها. يعد اختيار الزوج في العديد من المجتمعات قراراً فردياً، لكن في المجتمعات المصرية المحافظة تجري الخطوبة في العلن وتحت إشراف الأسرة والمجتمع المحلي في الحي، وتستنكر غادة عبد العال في مدونتها تدخل المجتمع المباشر والموسع في مسألة شخصية.

لاقت المدونة صدى لدى الشابات تحديداً لأنها كشفت عن التوترات العميقة الجذور بين الخيارات الفردية والقيم الجماعية في مجتمع متغير تعلو فيه مستويات تعليم الإناث واستقلاليتهن. تمكن قراءة مدونة عبد العال على أنها تعبير عن التناقضات بين قيم المجتمعات التقليدية والمجتمعات الغربية، أو بين مجتمعَي الطبقة الوسطى والطبقة العليا، لكنها في جوهرها تتعلق أيضاً بتنمية الشباب كفاءات وقدرات على تحويل الإعلام وطرق التواصل إلى تفكير نقدي وإبداع فني تكتسب من خلاله الرسائل المصوغة بطرق إبداعية تداولاً واسعاً وصدى قوياً.

أدى تحول مدونة "عايزة أتجوز" إلى مدونة مثيرة تحظى باهتمام واسع إلى انتقالها من فضاء الإعلام الرقمي إلى الإعلام التقليدي. طبعت دار الشروق، وهي إحدى دور النشر البارزة في المنطقة، نسخة كتاب من المدونة التي تُرجمت لاحقاً إلى لغات أخرى. وفي عام 2010 حوّلت قناة إم بي سي (MBC) الترفيهية الأكثر شعبية في المنطقة الكتاب إلى مسلسل كوميدي، ما زاد الإقبال عليه. أنتجت نتفليكس جزءاً ثانياً من المسلسل بعنوان "البحث عن علا" عام 2022 مستفيدة من نجاح مسلسل "عايزة أتجوز" مع إضفاء لمسة جديدة عليه، حيث ظهرت الشخصية الرئيسية فيه أماً مطلقة حديثاً في الأربعين من عمرها وهي تواجه ضغوطاً اجتماعية صعبة في عالم تنافس فيه تطبيقات المواعدة الزيجات التقليدية المدبّرة وينافس المؤثرون الاجتماعيون كبار السن في المجتمع باعتبارهم قدوة. تسلط القصص المختلفة في رحلة "عايزة أتجوز" ومدونة غادة عبد العال الضوء على التوتر الإبداعي بين سمات الهويتين الجماعية والفردية الذي يعكس التغيرات المجتمعية وطريقة تعامل الأفراد معها في العصر الرقمي، كما أنها تُظهر قدرة الشابات على تسخير المنصات الرقمية لتوصيل آرائهن الشخصية والدعوة إلى سياسات ثقافية بديلة.

إن العيش في الشبكات الاجتماعية يجعل الحياة تسير بوتيرة متعجلة تتجسد في انتشار الرسائل السريع وطبيعتها الفورية، ما يرقى إلى أن يكون ترياقاً عملياً للشعور بالعجز إذ يبني الأفراد جماعات متضامنة داخل الحدود وخارجها، فثمة قدرة غير مسبوقة على وصول الأفراد والمجموعات إلى المستخدمين المحليين والإقليميين والعالميين بسرعة فائقة.

إن قدرة الشباب على صياغة حياة خارج المعايير الثقافية والهياكل الاجتماعية الراسخة تقليدياً قد تعتبر تهديداً لنسج هذه المجتمعات الجماعية، إذ أصبحت أدوار كل من الرجل والمرأة والهوية التي تحدد مساحة كل منهما مجالاً لتحدي المعايير السلطوية القديمة و"العادات" والممارسات التي تحد من نشاط المرأة. وفي هذا السياق، وجدت جماعات أخرى القوة في المنصات الرقمية حيث تتوحد أصوات النساء في مساحات رقمية ذات طابع ديني، تُبنى هذه التجمعات القائمة بقوة على أساس النوع الاجتماعي حول السياسات اليومية وتتجاوز الحدود التقليدية التي تقيّد مشاركة المرأة في الحياة العامة في كثير من الأحيان.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال من دون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.