ثقافة الرفاه: الأثر الجماعي على الصحة والرفاه

ثقافة الرفاه
www.unsplash.com/Emma Simpson
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هذا المقال هو الجزء الأول من دراسة حالة عن بدء حركة اجتماعية وإشراك مجتمع بأكمله في خلق ثقافة تدعم الصحة والرفاه. يمكنكم الاطلاع على الجزء الثاني للمقال من هنا.

انطلقت حركة الحرم الجامعي الصحي في جامعات الولايات المتحدة، وكما جرت العادة ركزت هذه المبادرة على الطلاب واستهدفت مواضيع في مجالات محددة، مثل العادات الغذائية السلبية والسلوكيات المؤذية. إحدى هذه المبادرات مبادرة جامعة مدينة نيويورك الصحية (Healthy CUNY) التابعة لجامعة مدينة نيويورك، وهي تدعم صحة الطلاب منذ عام 2007 بزيادة إمكانية الحصول على الغذاء الصحي، وتعزيز الرفاهة النفسية، وجعل الحرم الجامعي مكاناً خالياً من التدخين. وفي جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس، أسسنا لمبادرة الحرم الجامعي الصحي – آتش سي آي  (Healthy Campus Initiative – HCI)  في عام 2012، بهدف إطلاق حركة اجتماعية. ترتكز مبادراتنا على إشراك جميع الأفراد ضمن الحرم الجامعي طلاباً وموظفين وأعضاء الهيئة التدريسية في جعل الصحة والرفاه جزءاً من ثقافة الجامعة. كما تنتشر هذه المبادرات على مستوى الولايات والدولة بأكملها أيضاً، مثل مبادرة الحرم الجامعي الأكثر صحة في أميركا (America’s Healthier Campus Initiative) التي أطلقتها مؤسسة بارتنرشب فور أهيلثير أميركا في عام 2014، وشبكة الحرم الجامعي الصحي (Healthy Campus Network) في جامعة كاليفورنيا عام 2016.

ما يوحد مبادرات تعزيز الصحة في الحرم الجامعي هذه هو الإدراك بأن الجامعات لديها القدرة على غرس مفاهيم الصحة والرفاه في ثقافة الحرم الجامعي وتحمل على عاتقها مسؤولية ذلك إلى جانب مسؤوليات توفير التعليم والخدمات والأبحاث. لكن من الطبيعي أن ترافق ذلك عدة صعوبات، إذ يرى كبار المدراء وأعضاء الهيئة التدريسية في العديد من الجامعات أن هدر الموارد الأكاديمية الشحيحة لإقامة أنشطة تعزز مفاهيم الرفاه هو من أشكال الانحراف عن مهمتهم الأساسية، كما أن مبادرات الصحة والرفاه غالباً ما تكون منعزلة عن غيرها، كما تواجه أنشطة البرامج الاختيارية صعوبة في إشراك أصحاب المصلحة والوصول إلى الجماهير المستهدَفة.

لمواجهة هذه التحديات المذكورة وغيرها، بدأت بعض المؤسسات الكبرى في منح الأولوية للمبادرات الجماعية الأوسع نطاقاً. مثلاً، تعمل مؤسسة روبرت وود جونسون (Robert Wood Johnson) على إشراك قطاعات متنوعة لتعزيز ما تسميه الثقافة الوطنية الصحية حيث يتمتع جميع الأميركيين بصحة أفضل؛ يفسح هذا التحول المجال لإعادة التفكير في استراتيجيات دعم الصحة التقليدية والنظر في نُهج تعاونية أحدث بين مختلَف القطاعات مثل نَهج الأثر الجمعي.

نعتقد أن برنامج الحرم الجامعي الصحي الذي ننفذه في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس يقدِم أفكاراً للقادة الذين يعملون على إطلاق حركاتهم الخاصة لدعم الرفاه أو استدامتها في الجامعات وأماكن العمل والمدارس من مرحلة ما قبل الروضة إلى الثانوية ومجتمعات المدينة. ونحن في الواقع نستمد الإلهام دوماً من المبادرات الناجحة الأخرى التي طبقت نهج الأثر الجمعي، ومنها مجلس سياسات الغذاء في مدينة لوس أنجلوس ومؤسسة سينسيناتي الكبرى، ومؤسسة مينيوز أوف تشينج (Menus of Change) التعاونية التي يتعاون فيها القطاعين الأكاديمي والصناعي لتعزيز الطعام الصحي المستدام والمقبول اجتماعياً.

منح الأولوية لثقافة الرفاه

أعلن جين بلوك عميد جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس عام 2013 عن إطلاق مبادرة الحرم الجامعي الصحي التي أنشأها الزوجان ،جين وتيري سيميل، بناء على رؤيتهما وقدما الدعم لها. وُلدت المبادرة في معهد سيميل لعلم الأعصاب والسلوك البشري لتعزيز ثقافة الرفاه الجسدي والنفسي والاجتماعي لما يزيد عن 85 ألف طالب وموظف وعضو في الهيئة التدريسية في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس، وهي مبادرة متشعِبة شاملة للحرم الجامعي يقودها أعضاء الهيئة التدريسية وكبار المدراء الذين يمنحون الأولوية للصحة والرفاه في 7 مجالات رئيسية يسمونها “الحاضنات”: حاضنة الحياة السليمة (Be Well) (البيئة المعمارية)، وحاضنة التنفس السليم (Breathe Well) لحرم جامعي خالٍ من التدخين، وحاضنة الأكل السليم (Eat Well) للطعام والتغذية، وحاضنة المشاركة السليمة (Engage Well) للرفاه الاجتماعي، وحاضنة العقل السليم (Mind Well) لصحة العقل والدماغ، وحاضنة النشاط السليم (Move Well) للحركة والنشاط البدني، وحاضنة البحث السليم (Research Well) لدعم أنشطة المبادرة في البحث والتقييم. تعتمد المبادرة على البحث والتدريس في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس لتطوير نُهج مادية وهيكلية وأكاديمية وسياسية لتحقيق الرفاه قائمة على التجربة والأبحاث، بناءً على فكرة  أن الرفاه النفسي والجسدي والاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من النجاح الفردي والمؤسسي. ولتوجيه هذا التغيير الثقافي تبنت المبادرة حركة اجتماعية تعتمد مبادئ التنظيم المجتمعي وتعمل وفق شروط الأثر الجمعي الخمسة.

الأثر الجمعي: 5 شروط للنجاح

باختصار: يتحقق الأثر الجمعي عندما تلتزم مجموعة من أصحاب المصلحة في قطاعات مختلفة بجدول أعمال مشترك لمواجهة تحدٍ اجتماعي عام ومعقد. وبإسقاط ذلك على مبادرة الحرم الجامعي الصحي نرى أن القطاعات المختلفة تشمل عناصر الحرم الجامعي المتمثلة في الطلاب والموظفين وأعضاء الهيئة التدريسية، وأن جدول الأعمال المشترك هو بناء ثقافة الصحة والرفاه من خلال جعل الخيار الصحي هو الخيار الأسهل. فلنر كيف طبقت المبادرة كلاً من الشروط الخمسة لنجاح الأثر الجمعي.

1. العمل وفق جدول أعمال مشترك

الصعوبات:

  •  المجال الصحي محصور غالباً بالاختصاصيين الصحيين.
  • يمكن أن تكون المبادرات الرفيعة المستوى إلزامية بصورة مبالغ فيها.
  • قد يعارض أعضاء الهيئة التدريسية المبادرات التنازلية من القمة إلى القاعدة.

كانت الخطوة الأولى لتوحيد عناصر الحرم الجامعي هي تعريف الصحة بأسلوب مفيد لجميع الأفراد والعناصر التي تشكّل مجتمعنا المتنوع، فبدأنا من محور مؤسستنا المتمثل في مبادئ جامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس المتعلقة بالمجتمع والإنسان الحقيقي. وبناءً على هذه القيم الجوهرية طورنا محاور مبادرة الحرم الجامعي الصحي، وحددنا مهمات الحرم الجامعي الصحي المتمثلة في تعزيز مفهوم العافية العالية المستوى، والحث على حمل المسؤولية الشخصية، واحترام التنوع الاجتماعي، والسعي للحد من أشكال التفاوت في المجال الصحي، وفهم الترابط بين أشكال الرفاه على المستوى الاجتماعي والجسدي والنفسي.

كما حرصنا على أن تكون المبادرة مدعومة على مستوى مؤسسي عالٍ، فأصبح مكتب العميد بمثابة المرجع الإداري للبرنامج، ويوضح لمجتمع الحرم الجامعي بأكمله أن بناء ثقافة الصحة والرفاه هو أولوية. كما تحثّ المبادرة القيادة العليا على مراعاة الجانب الصحي في جميع القرارات، مثل تصميم مبنى جديد أو افتتاح قاعة طعام جديدة، ولكن لا تلزمها باتخاذ أي إجراء لتحقيق أهداف محددة، فعلى سبيل المثال أصبح تطوير هذه المبادرة بعد ذلك بنداً في التوصيف الوظيفي لبعض المناصب الإدارية العليا.

كما نجحت مبادرة الحرم الجامعي الصحي في إشراك أعضاء الهيئة التدريسية في تنفيذ الحلول المبنية على الأدلة في فناء الجامعة الخلفي، وربط الحرم الجامعي الصحي بالتفوق الأكاديمي. وهذا لا يقتصر على جذب أفضل الطلاب من خلال تقديم الامتيازات، مثل توفير خيارات الطعام الصحي، بل يشمل أيضاً منح الطلاب فرص تطوير مهاراتهم الذهنية وممارسة العادات الصحية الأخرى التي تساعد على تحقيق النجاح. بيّن استقصاء أجرته مؤسسة بارتنرشب فور أهيلثير أميركا أن ربع الطلاب فقط يضع الحصول على فرص التمتع بصحة جيدة أولوية عند اختيار الجامعة التي سيلتحق بها، كما عملنا على إقامة دورات تعليمية أكاديمية وبرامج منح الشهادات ودعمها لتستكمل محاور المبادرة، مثل برنامج شهادة الدراسات الغذائية الفرعية متعددة التخصصات للطلاب الجامعيين.

2. توفير هيكل تنسيقي

الصعوبات:

  • قد تفتقر المبادرات العامة إلى التمويل الثابت.
  • يمكن أن يكون الحصول على تأييد المجتمع الجامعي بطيئاً، ويكون تدريجياً غالباً ويتطلب وضع مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات.
  • يمكن أن تكون أدوار المجموعات المشاركة وتوقعاتها غامضة.

تستفيد مبادرة الحرم الجامعي الصحي من التمويل والدعم والمشاركة، والرؤية البعيدة الأمد للزوجين المانحَين، جين وتيري سيميل، اللذين يقدمان دعماً مرناً ودائماً ورؤىً إبداعية في أثناء نضوج المبادرة.

حرص نائب العميد المساعد السابق لمبادرة الحرم الجامعي الصحي وعضو الهيئة التدريسية في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس منذ مدة طويلة، مايكل غولدستين، على استثمار فهمه العميق لثقافة الجامعة المتعلقة بالحوكمة المشتركة للمساعدة في الحصول على دعم الحرم الجامعي بأكمله، وإبراز مبادرة الحرم الجامعي الصحي على أنها مبادرة تعاونية لا إجراءات مفروضة من القمة إلى القاعدة. وفي أول عامَين، صمم فريق غولدستين عروضاً تقديمية، وقدموا الدعم لإقامة فعاليات لأكثر من 140 طالباً وموظفاً وعضواً في الهيئة التدريسية، ثم حين استقرت المبادرة بدأت تستضيف احتفالات سنوية على صعيد المجتمع جذب أحدثها ما يقدر بنحو 2,500 شخص.

كما أن كبار القياديين المخصصين للمبادرة الذين يمثلون الهيكل التنسيقي أو المرجع فيها، يساهمون في توضيح الأدوار والتوقُعات، وكان لهم دور محوري في نجاح المبادرة، ومنهم عضو الهيئة التدريسية المتفرغ (نائب العميد المساعد) الذي يقود اللجنة التوجيهية ويقدم تقاريره إلى عميد الجامعة ونائبه التنفيذي، والمنسّق الإداري المتفرغ، وفريق مأجور من الطلاب الجامعيين والباحثين من طلاب الدراسات العليا، وخبراء محتوى من أعضاء الهيئة التدريسية وكبار المدراء الذين يقودون الحاضنات ويدعون الأفراد لحضور اجتماعات الحاضنات المتكررة التي ترحب بالجميع.

 3. المشاركة في أنشطة يعزز بعضها بعضاً

الصعوبات:

  • المخاوف حول المنطقة والموارد.
  • يمكن أن يبدو تضارب الأولويات عائقاً للعمل.
  • لا يتطلب تحقيق الأهداف المشتركة العمل وفق استراتيجيات مشتركة بالضرورة.

أدركنا في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس وجود العديد من المبادرات بالفعل في المجال الصحي قبل إطلاق مبادرة الحرم الجامعي الصحي، لكن المبادرة أثبتت قيمتها أمام العناصر الفردية من خلال تحديد الأصول وتعبئتها، وتحديد الممارسات المبنية على الأدلة واعتمادها، وعقد اجتماعات دورية مع أصحاب المصلحة، والحصول على الدعم عن طريق المنح لمشاريع المبادرة. فمثلاً، ساعدت حاضنة الحياة السليمة إحدى المبادرات القائمة مسبقاً يقودها الطلاب لإعادة تصميم السلالم كي يكون استخدامها مقبولاً أكثر؛ فوصلت الطلاب مع المهندس المعماري المسؤول عن الحرم الجامعي وغيره من المعنيين لتسهيل عملية الشراء والحصول على التصاريح، وقدمت تمويلاً مطابقاً للتمويل الذي حصل عليه الطلاب من عميد جامعتهم. لم تُظهر نتائج المشروع زيادة في استخدام السلالم فحسب، بل نتج عنها مزيد من الفخر بالانتماء إلى الجامعة أيضاً.

إدراك مفهوم الأولويات المتضاربة والعمل على معالجتها مهم أيضاً لنجاح المبادرات. على سبيل المثال، أطلق أعضاء حاضنة الأكل السليم دراسة تجريبية تعاونية لبيع المنتجات الصحية، ونجحت في تحسين الجودة الغذائية لعروض المنتجات دون التأثير على صافي المبيعات. كانت أسباب نجاح هذه التجربة متمثلة في الكفاءات المتنوعة ضمن الفريق والتمويل الذي قدمته مبادرة الحرم الجامعي الصحي والثقة التي نمت بين مختلف المجموعات في اجتماعات حاضنة الأكل السليم، لتصبح آلات بيع المنتجات الصحية حالياً منتشرة في جميع أنحاء الحرم الجامعي.

وأخيراً: يجب أن يتقبّل القادة اتباع استراتيجيات متنوعة لتحقيق أهدافهم. مثلاً، كان تشجيع الطلاب الجامعيين على تناول الطعام الصحي هدفاً مشتركاً لمبادرة الحرم الجامعي الصحي، لكن اختصاصيي التغذية في الحرم الجامعي لم يرحبوا بالاستراتيجية المتبعة المتمثلة في ذكر عدد السعرات الحرارية ضمن قوائم قاعة الطعام لتخوفهم من أن يصرف ذلك تركيز الطلاب عن التمتع بصحة جيدة وتوجيهه نحو الوزن، ما يسبب اضطرابات في الأكل. لذا اتبعت المبادرة في نهاية المطاف استراتيجية اختصاصيي التغذية باستخدام أوعية طعام أصغر، وتشجيع إلغاء استخدام الصواني في قاعات الطعام للمساعدة في تقديم وجبات بأحجام معتدلة والحد من هدر الطعام.

 4. المشاركة في التواصل الدائم

الصعوبات:

  • لم تعتد العناصر المتنوعة في الجامعات على العمل الجماعي، كما أنها تفتقر غالباً إلى فهم أولويات الآخرين.
  • يميل المشاركون غالباً إلى التمسك بالوضع الراهن.

كما ذكرنا أعلاه: تسهّل الاجتماعات الشخصية المنتظمة، العامة والتوجيهية، في الحاضنات بناء الفريق وتنمية الثقة المتبادلة بين أعضائه، ما يؤدي في معظم الأحيان إلى مناقشات إبداعية بين الأفراد وتبادل الخبرات والموارد. تتألف اللجنة التوجيهية لمبادرة الحرم الجامعي الصحي من المسؤولين التنفيذيين (منهم عمداء كليات الطب والتمريض)، ونواب عمداء الجامعة (منهم المسؤولون التنفيذيون، وموظفو شؤون الطلاب، ونواب العمداء الإداريون). كما يكسر التواصل الدائم والشخصي عن طريق الإنترنت العزلة ويغرس رؤية المبادرة للحياة اليومية في الحرم الجامعي.

أدت هذه الاستراتيجيات إلى تعريف مختلف قطاعات مجتمع جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس إلى أفضل الممارسات المبنية على الأدلة التي أدت إلى تسريع التغييرات الإيجابية. مثلاً، يأخذ حالياً المهندس المعماري للحرم الجامعي ومدير النقل، بصفتهما عضوين في حاضنة الحياة السليمة، في الاعتبار مفهوم “الخيار الصحي هو الخيار الأسهل” عند تطوير المشاريع الجديدة في الحرم الجامعي. نتج عن ذلك عدة تغييرات في بيئة الحرم الجامعي مثل تحسين المرافق الأساسية للدراجات الهوائية وعدم بناء مواقف جديدة للسيارات وإطلاق مشاريع إضافية لتشجيع استخدام السلالم، لذا تعرّف مديرة النقل مبادرة الحرم الجامعي الصحي على أنها مبادرة تعود بالنفع على جميع الأطراف، ونظراً لتكليفها بتحقيق هدف الحياد الكربوني على مستوى جامعة كاليفورنيا كاملاً بحلول عام 2025 وجدت أن احتمالية تغيير العادات المتعلقة بالنقل الفعال تزيد عندما يتمثل الدافع في الصحة لا البيئة.

5. الاتفاق على أنظمة قياس مشتركة لتقييم التقدم وتعزيزه

الصعوبات:

  •  تتبع العناصر المختلفة أساليب ومعايير مختلفة لقياس النجاح.
  • يمكن لصعوبة قياس التغيير الثقافي أن تحد من عملية التقييم.

كانت عملية القياس المتبعة في مبادرة الحرم الجامعي الصحي بادئ الأمر تتمثل في حصر أصول الحرم الجامعي، بما فيها من أشخاص وسياسات ودورات تدريبية ومجموعات طلابية وأقسام الحرم الجامعي، ثم ربط هذه الأصول بالفعاليات واجتماعات الحاضنات. أتاحت هاتان الخطوتان لكل حاضنة جمع الأفراد أصحاب الاهتمامات في مجالات المواضيع المتشابهة، وبالتالي تتيح لهم الاتفاق على الأساليب والمعايير لقياس النجاح. فعلى سبيل المثال، تعمل جميع الفعاليات التي ترعاها المبادرة على متابعة نسب الحضور، واستطلاع آراء المشاركين لقياس المعرفة والمهارات المكتسبة والرضا. كما حددت المبادرة مصادر البيانات الحالية المتعلقة برفاه مجتمع جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس، مثل الاستقصاء الذي أجرته حول خبرات الطلاب الجامعيين في جامعة كاليفورنيا، ونجحت في إضافة أسئلة حول أولويات الحرم الجامعي المستجدة ومنها الحصول على وجبات الطعام والصحة النفسية.

ومن أجل تتبع التغيير الثقافي تسهِم جميع حاضنات مبادرة الحرم الجامعي الصحي في تقديم تقرير التقدم السنوي الذي يتضمن مقاطع فيديو وصوراً وملاحظات، بالإضافة إلى بيانات التقدم التقليدية. كما نعمل حالياً على بناء واجهة إلكترونية لقياس مؤشرات مجالات الحاضنات كافة، مثل استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر في قاعات الطعام، والأمن الغذائي للطلاب، وتصورات الموظفين عن الدعم الصحي في مكان عملهم. وأخيراً، نحن نتعلم من الآخرين، مثل مؤسسة روبرت وود جونسون، والبرنامج الشامل لصحة الموظفين التابع للمعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية ومركز السيطرة على الأمراض (CDC NIOSH) اللذين يعملان على تحديد أساليب قياس الثقافة الصحية.

تدعم مبادرة الحرم الجامعي الصحي الأبحاث المبتكرة لإثراء المبادرات المحددة لكل حاضنة، وإلهام مشاريع الأبحاث الأكبر في المجال الصحي والسياسات الصحية. فعلى سبيل المثال، بعد نجاح إعادة تصميم السلالم الذي نفذته حاضنة الحياة السليمة أُطلق العديد من المشاريع الأخرى للتشجيع على استخدام السلالم في الحرم الجامعي، وتشرف مبادرة الحرم الجامعي الصحي على تنفيذ مشروع التشجيع على استخدام السلالم وتقييمه عن طريق النظام المتبع في حرم جامعة كاليفورنيا الذي يتألف من 10 أقسام والقائم على شبكة الحرم الجامعي الصحي. كما أجرى باحثون من طلاب الدراسات العليا التابعين لمبادرة الحرم الجامعي الصحي دراسة حول انعدام الأمن الغذائي عند الطلاب ومحو الأمية الغذائية، وساعدت في تقديم المعلومات اللازمة للحرم الجامعي وجامعة كاليفورنيا وصانعي الحلول على مستوى الولاية عن ضرورة مساعدة الطلاب الذين يعانون مشكلات غذائية.

يمكن أن تكون هيكلية عمل الأثر الجمعي أداة فعالة يسترشد بها الجيل المقبل من مبادرات التغيير الاجتماعي. يشير جون كانيا ومارك كرامر في مقالهما عن الأثر الجمعي الصادر في عام 2011، إلى أنه غالباً ما تفشل المبادرات الواسعة النطاق بسبب افتراضه أن التعاون يتحقق من دون تحديد هيكلية أساسية. وعلى الرغم من استحالة تطابق مجتمعين أو مبادرتين بالكامل فنحن نأمل أن تكون هذه الأمثلة والدروس مفيدة للمؤسسات الأخرى وتساعدها على التفكير ملياً في الصعوبات التي قد تواجهها في أثناء عملهم على بناء ثقافة الرفاه الخاصة بها.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.