التأثير الجمعي: حوار حول المشاركة المجتمعية

التأثير الجمعي
www.unsplash.com/S O C I A L . C U T
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتم مناقشة جهود التأثير الجمعي في الغالب على مستوى المؤسسات أو القطاعات؛ مثل قطاع الأعمال والقطاع غير الربحي والحكومي والإغاثي؛ إلا أن معظم هذه النقاشات تنسى أخذ المجتمع نفسه بعين الاعتبار؛ رغم كونه عاملاً حاسماً لنجاح مبادرات التأثير الجمعي على المدى الطويل.

يتضمن المجتمع الأفراد والعائلات والشبكات والمؤسسات الذين سيتأثرون بالمبادرة ويشاركون فيها؛ إلا أنهم عادةً ما لا يتم اعتبارهم أصحاب دور قيادي فعال في إيجاد الحلول المجتمعية؛ والتي تشمل- كمثال- الأشخاص المتأثرين بشكل مباشر بالمشكلة، بالإضافة إلى مؤسسات الخدمات الاجتماعية؛ والتي قد لا تكون مُمثَلةً في البداية في اللجان التوجيهية ومجموعات العمل.

للتعمق في الحديث عن كيفية إقحام المجتمع في التأثير الجمعي، قام منتدى معهد أسبن للحلول المجتمعية بجمع العلماء والمختصين لإجراء حوار صادق. يناقش المشاركون حول طاولة الحوار أهمية إشراك المجتمع بشكل فعّال، وكيفية تحقيق هذا الأمر ضمن مبادرات التأثير الجمعي والتحديات والعقبات التي يواجهها انخراط المجتمع.

تقول ميلودي بارنز: أريد أن أبدأ بالسؤال عن ماهية المشاركة المجتمعية؛ إنها إحدى تلك الأشياء التي تعتقد أنك ستعرفها عندما تراها؛ ولكن دعونا نحددها. كيف تعرّفون المشاركة المجتمعية؟

ستيف سافنر: من وجهة نظرنا؛ يجب على المشاركة المجتمعية أن تتضمن الأشخاص في المجتمع – الأشخاص الذين يحاولون الحصول على المساعدة من الخدمات المختلفة، يجب أن يشاركوا بطريقة فعالة للغاية في تحديد احتياجات المجتمع، وتطوير أفكار الحلول، ومن ثم المساعدة في الإشراف على البرنامج وتحسينه باستمرار؛ الأمر كله متعلّق بالمجموعة التي لها دور حقيقي ومقعد فعلي على طاولة الحوار.

مارتن زانغي: إنها منهجية واستراتيجية وطريقة لإنشاء العلاقات بين الأشخاص المتأثرين بالفقر والظلم الاجتماعي والاقتصادي والعنصرية، تتعلق هذه الطريقة بمنح الأشخاص الذين لم تُسمع أصواتهم الفرصةَ للمشاركة في القيادة وتطوير مهاراتهم، في سبيل حثّ الممارسين وصناع القرار وواضعي السياسات على الإنصات. أقوى الأصوات التي قابلتها على مدار العشرين عاماً الماضية هم الشباب الذين غيروا السياسة، وغيروا الممارسات، وغيّروا أنظمة معتقداتنا حتى نحسن أداءنا وتعاملنا مع الأشخاص الذين نحاول خدمتهم.

ريتشارد هاروود: إن المشاركة المجتمعية هي توجّه، وتتعلق بتحديد من تعتقد أنهم جزء من المجتمع، ومن أنت على استعدادٍ لرؤيته. تعني المشاركة المجتمعية إشراك الأشخاص الذين يمتلكون مزايا وخبرات لا يعرفها أحد سواهم، ولا يمكن لغيرهم تعليمنا إياها، على سبيل المثال؛ يمكن فقط لمواطني المجتمع إخبارنا بتطلعاتهم المشترَكة، والتحديات التي يواجهونها في سبيل الوصول إلى هذه التطلعات، هم وحدهم من يستطيعون إخبارنا بتجاربهم التي عاشوها مع التحديات المعينة التي قاموا بتجاوزها، وعن أنواع المقايضات والتنازلات التي هم مستعدون للقيام بها في حياتهم إن تطلب الأمر؛ هذا يساعدنا على تطوير الإرادة الجماهيرية للتطوير والمضي قدماً.

ستايسي ستيوارت: بالنسبة إلى (يونايتد واي)، فالمشاركة المجتمعية هي عملية مستمرة من الإنصات والفهم والاستماع والعمل على الوصول إلى تلك التطلعات، أعتقد أن التوجه غالباً هو تنفيذ المشاركة من خلال مباني البلديات أو الاجتماعات في مراكز الأنشطة، ثم القول: “حسناً، لقد أشركنا المجتمع، لذلك يمكننا الآن الانطلاق والقيام بعملنا على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وعدم الاستماع أبداً لأي شخص مرة أخرى”؛ وهذا النوع من المشاركة المجتمعية ليس النوع الذي سيُحدِث أي شكل من أشكال التغيير على مستوى المجتمع.

بارنز: كيف تتناسب مشاركة المجتمع باعتقادكم داخل منهجية التأثير الجمعي؛ والتي تجمع بين العديد من القطاعات المختلفة من مختلف أنحاء المجتمع؟

بول بورن: على المستوى العملي؛ تُعتبر المشاركة المجتمعية في التأثير الجمعي مهمةً بشكل خاص عند وضع أجندة عمل مشتركة؛ حيث تبدأ بتحديد النظام الذي نريد إشراكه. على سبيل المثال؛ إذا كنا نعمل على مشاكل الفقر، فقد نجمع بين القادة الحكوميين وأشخاص من منظمات المجتمع المدني وقادة الشركات المهتمين بهذه القضية، وبالإضافة إلى ذلك؛ هناك قطاع رابع؛  وهم الأشخاص الأكثر انتفاعاً من نجاح مبادرتنا، ونقوم بجمعهم معاً للقيام بسلسلة من التجارب التي تسمح لهم بالتعمق في فهم القضية.

اقرأ أيضاً: التأثير الجمعي واسع النطاق يتطلب تنسيقاً بين القطاعات

خلال عملية عمل ومناقشة القطاعات مع بعضها البعض؛ يتم تشكيل أفكار جديدة والتخلص من أفكار قديمة أخرى. إن أجندة العمل المشتركة ليست مجرد خطة استراتيجية؛ بل إنها أيضاً التزام بالعمل في سبيل التقدم، لذا فإن المشاركة المجتمعية هي عملية بناء رؤية مشتركة تربطنا ببعضنا البعض.

زانغي: تتعلق المشاركة أيضاً بالتعلم الناشئ حول توفير الوقت والمساحة لتتمكن العلاقات والعمليات من النمو والتطور، فهي تتيح لنا التعلم من الأشخاص الذين لا يشكلون في العادة جزءاً من المحادثة؛ وذلك عن طريق الإنصات إلى ذوي الخبرات الحياتية الغنية. إن منح الأشخاص هذه المساحة ليس بالأمر السهل، فقد مارس الأشخاص عناصر التأثير الجمعي على مر السنين؛ إلا أن الجزئية التي لا تزال مبهمةً لدى الجميع هي العملية – الوقت والثقة والعلاقات التي تدخل في عملية وضع الشروط الخمسة للتأثير الجمعي.

سافنر: الصعوبات التي تواجهها المجتمعات في عملية المشاركة، هي إحدى المشاكل التي يجب أن ننتبه لها. من المهم التفكير في المؤسسات الموجودة في المجتمع؛ والتي يديرها الأشخاص ذوو الدخل المنخفض، والتأكد من وجود تلك المؤسسات على طاولة الحوار، من المهم أيضاً وجود مؤسسة تتمثل مهمتها في العمل مع الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، وتمثيل وجهات نظرهم حقاً؛ هذا الأمر مهم أيضاً لأنه يساعد على تمكين الأشخاص ذوي الدخل المنخفض وتطويرهم ليصبحوا قادة.

ستيوارت: لطالما حاول القطاع غير الربحي حل التحديات في المجتمع؛ من خلال البحث في الخدمات التي يمكن تقديمها، وعندما يبدو أن الأمور لا تأتي بنتيجة، يتساءل قادة المؤسسات غير الربحية عما حدث، ويدركون أنهم لا يمتلكون الحل الأمثل. تمتلك المؤسسات غير الربحية الكثير من البيانات ووجهات النظر؛ إلا أن وجهات النظر الأخرى تساويها في القيمة؛ لقد وجدنا أنه عندما نقوم بهذا النوع من الإنصات والتفاعل مع الأشخاص المطلوبين لدفع التغيير المنهجي، يتقدم الناس لقيادة التغيير معنا.

هاروود: تثير ستايسي نقطةً مثيرةً للاهتمام: ما هو الإطار الأساسي الذي نستخدمه لإحداث تأثير جمعي؟ هل يخدم الناس أم يبني شيئاً ما؟ الذي يريده الأميركيون الآن أكثر من أي شيء آخر هو العودة إلى كونهم بناةً؛ إنه جزء من حمضنا النووي، والقيم التي تأسست عليها دولتنا، وكيفية بنائنا للمجتمعات على مر السنين.

يشعر العديد من الأشخاص أننا ابتعدنا عن ذلك بسبب تقديم الخدمات لنا طوال الوقت؛ من خلال التفكير في أننا مستهلِكون، وأنه يمكننا تقديم متطلبات غير محدودة وفق موارد محدودة. أكثر ما أسمعه من الناس في المجتمعات هو: “دعونا نبني شيئاً ذو معنىً وهدف، ودعونا نثبت أننا نستطيع أن نجتمع معاً ونفعل الأشياء”، لا نريد العودة إلى النموذج القديم الذي كان يقول: “ما هي مشكلتك؟ لدي برنامج لذلك ولستَ مضطراً لفعل أي شيء؛ على الرغم من أنك تريد المساعدة في بناء مستقبلك”.

ستيوارت: إذا نظرت إلى التاريخ، تجد أن الأمور قد تغيرت على نطاقٍ واسعٍ في هذا البلد وحول العالم أيضاً؛ وذلك حين اجتمعت مجموعة محورية من المؤسسات واتفقت على وجود أمر بغاية الأهمية للعمل عليه؛ إلا أن هذا الأمر يحدث فقط عندما يؤمن الأشخاص العاديون بأهمية المشكلة، ويعبرون عن رغبتهم في تغيير سلوكياتهم لأنهم يرغبون بذلك، وليس لأن أحداً يخبرهم أن يفعلوا؛ يرى الأشخاص في هذا الأمر أولويةً من أجل تحسين أنفسهم ومجتمعاتهم وحياتهم.

ثم هناك قضية إحداث تغييرٍ حقيقي في المجتمع حتى تتحسن الأمور بالفعل؛ وهنا يأتي دور فكرة إشراك الأشخاص وجعلهم يشعرون بأنهم جزء من العملية؛ حتى لو لم يأتوا إلى جلسة الحوار بين أجزاء المجتمع لمشاركة أصواتهم، فهم يرون أن تطلعاتهم يتردد صداها من قبل الآخرين من حولهم ويشعرون بأنهم جزء من هذه العملية، كما أنهم يشعرون أنها شيء يريدون تبنيه في حياتهم كلها؛ هذا التحول الثقافي المثير للاهتمام في المجتمع يساعد على تغيير السلوك.

بارنز: ما هي أكبر العثرات التي تحدث عند محاولة تنفيذ مقاربة تأثير جمعي متناغمة مع المجتمع؟

بورن: أجد أن أكبر الصعوبات التي تواجهنا هي أن نكون قادرين على الاستماع إلى بعضنا البعض؛ نحن نخلق بيئات حيث نقوم بالتفكير في الحل الذي نريد تنفيذه بدلاً من الاستماع إلى ما يجري. إن التأثير الجمعي عمليّ للغاية؛ لكن بيتر سينج يقول هذا القول الجميل: “في بعض الأحيان، علينا أن نتباطأ كي نتمكن من السير بسرعة”؛ إذا لم نسر ببطءٍ في هذا العمل، يمكننا التوصل بسرعة إلى حلول لا تقوم بإشراك الناس.

هاروود: أرى أن أكبر عقبة تواجهنا عندما يتم تجاوزنا من قِبَل العملية ذاتها التي أنشأناها؛ فجأةً يصبح الهدف تنفيذَ جداول زمنية لتلبية متطلبات التسليمات والتمويل، نحن نغفل عن المجتمع لأن المشروع ثقيلٌ للغاية لدرجة أننا نقضي كل وقتنا في تغذيته. بغض النظر عن نوايانا الحسنة؛ نحن موجّهون داخلياً نحو مؤسساتنا وعمليّاتنا الشخصية، لذا علينا الالتزام بالتوجه نحو الخارج تجاه المجتمع وتغيير توجهاتنا- فردياً وجماعياً.

يكمن خطر التأثير الجمعي في أنه يصبح مثل مجموعة تصويب اجتماعية، نعتقد أننا إذا قمنا بتجميع القطع الصحيحة معاً، وحصلنا على الصواميل والبراغي الصحيحة بالترتيب الصحيح، فعندئذٍ بطريقة ما؛ هذا النظام الأساسي الذي نسميه المجتمع سوف يسير على طول المسار الخطي الجميل الذي وضعناه، نحن نحتاج إلى التواضع لمواجهة الظروف الفعلية في المجتمعات، والبدء من حيث يوجد المجتمع؛ وليس مع مجموعة الضوابط الخاصة بنا، وإذا لم نفهم هذا الأمر بالشكل الصحيح، فلن تكون كل الأشياء التالية مهمة.

بارنز: لقد سمعت من الناس في جميع أنحاء البلاد عن التحديات المتصورة عندما نقوم بإشراك المجتمعات، ونحاول ضمان أن يكون صوت المجتمع جزءاً من عملنا؛ ولكن هل هناك أيضاً تحديات حقيقية نحتاج إلى مواجهتها؟

بورن: سأقوم باختيار التحدي الذي يُشار إليه حوالي 100% من الوقت من قبل قادة المؤسسات الأساسية؛ ألا وهو عدم وجود وقت كافٍ؛ نحن نؤطر الوقت بمفهومٍ قديم، لقد أصبحنا شديدي الانشغال حتى أصبح إقناع الأشخاص بالإبطاء قليلاً تحدياً حقيقياً. يتوجب علينا التخلص من الفوضى بطريقة ما؛ مما يعني أن مجالس الإدارة تحتاج لإخبار قادتهم: “نحن نحتاج إلى المزيد من الوقت في معالجة هذه المسألة”.

لذلك فنحن نقارب الأشخاص الذين لا يريدون بالضرورة قيادة نهج التأثير الجمعي؛ ولكنهم يريدون أن يكونوا جزءاً منه، ونطرح التحدي: “عليك تخصيص 10% على الأقل من وقتك للعمل على هذه المسألة”؛ قد يعني هذا 4 ساعات في الأسبوع؛ إلا أنه وعلى نحو أكثر أهميةً؛ يقوم بوضع نمط للتفكير، نحن نحضر العديد من الاجتماعات وننتقل من شيء إلى آخر، لذلك توقفنا عن النظر في السبب الأكبر لوجودنا؛ أعتقد أن هذا هو التحدي الأكبر في العمل الجماعي المؤثر- جعل الناس يعيدون التفكير ويبطئون.

اقرأ أيضاً: استراتيجية التأثير الأقوى تترك أثراً أعمق

سافنر: سواء كان الأمر تأثيراً جماعياً أو أي نوع آخر من العمل الذي يتطلب بناء العلاقات والثقة، فإن العائق الأكبر في كثير من الأحيان هو المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص العاملون في المؤسسات؛ وهذا أمر حقيقي، إن مؤسستك والأشخاص العاملين لديك يمتلكون حاجات محددةً، وهناك دوماً خطر ألا تصب العملية في صالحك الأكبر.

يمتلك الناس مصالحَ ومخاوفَ مشروعة؛ إذا كنت تدير وكالةً، أو إذا كنت مسؤولاً منتخباً أو مقيماً في المجتمع، كل ما يمكنك فعله هو بناء الثقة والعلاقات؛ لكن يبدو لي أن المخاطر وانعدام الثقة في العملية هي العائق الأكبر.

ستيوارت: عندما يكون هناك تمرين تأثير جمعي، يكون دائماً في سياق ما حدث من قبل. لكل مجتمع مجموعة مشاكله الخاصة؛ هناك أشياء حدثت ولم تنجح، وعلاقات لا تسير على ما يرام، يتطلب الأمر الصبر والتفهم لإدراك كيفية التعامل مع هذا السياق.

من وجهة نظر مؤسسة أساسية فقرية؛ من المهم أن تفهم أن كونك العمود الفقري للعملية لا يعني أنك في موقع مسيطر. على مستوىً ما؛ إذا كنت ترغب في إشراك المجتمع في عملية ما، فيجب أن تكون العملية ملكاً للمجتمع وليس لمؤسسة العمود الفقري؛ وغالباً ما يكون من الصعب على الأشخاص تقبل ذلك، لأنهم قد يفترضون أنهم قادرون على تولي زمام الأمور وتحريك العملية وفقاً لجدولهم الزمني؛ وهذا ليس هو الحال في الواقع.

أخيراً؛ يمثل أحد أجزاء أحجية المشاركة هذه فرصةً وتحدياً لبعض الأشخاص؛ هناك عالم جديد تماماً من المشاركة لم نعتمده بالكامل، أو لم نشهد الإمكانات الكاملة له – المساحة الرقمية والمتنقلة والمشاركة عبر الإنترنت، لذلك قد نفكر في المشاركة بمعناها الشخصي الكلاسيكي؛ ولكن في الواقع؛ هناك أعداد هائلة من الناس في المجتمع في الوقت الحالي ممن يعدون المشاركة عبر الإنترنت مريحةً تماماً، يشعر هؤلاء الأشخاص بأنهم منخرطون تماماً في قضية ما حتى لو لم يقابلوا الجميع على أرض جسدياً؛ إنها فرصة مثيرة للتفكير في الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها المشاركة الافتراضية إلى إحداث تغيير جماعي.

هاروود: نقول إننا نريد أن نضمن المجتمع في التأثير الجمعي؛ لكننا لا نفعل ذلك، وقد يكون ذلك لأننا خائفون ولا نريد أن نفقد السيطرة، أو لا نريد خلق مخاطر معينة؛ ولكن هناك نتيجتان محتمَلتان؛ الأولى أننا نزيد من احتمالية عدم نجاح تأثيرنا الجمعي، لأنه لن يكون هناك ملكية مجتمعية حقيقية، ولن نكون قادرين على حشد الطاقات والإرادة العامة لمجتمعاتنا الكبيرة، والنتيجة الأخرى هي أننا سنضيع فرصةً من بين أيدينا. يتطلع الناس لأن يكونوا جزءاً من شيء أكبر من أنفسهم، يريدون العودة إلى الحياة العامة لبناء شيء ما معاً، ومبادرات التأثير الجمعي هي الفرصة الذهبية لحدوث ذلك.

بارنز: بالتركيز على هذه الفكرة؛ هل تعتقد أن الخوف الذي يقودنا أحياناً إلى عدم تضمين المجتمع يخلق تصوراً بأن التأثير الجمعي مخصص في الحقيقة للمراكز الأساسية وليس للقاعدة الشعبية؟

ستيوارت: أعتقد أن هذا حقاً ما نتحدث عنه؛ عندما نبدأ في فهم التأثير الجماعي، يبدو الأمر أشبه بجهد منقطع النظير، وأعتقد أننا نتفق جميعاً على كون الأمر يتعلق بقاعدة عامة وشعبية؛ إنه يشمل الجميع – الناس العاديون والقادة المشاركون. كلما زاد عدد الأشخاص الذين تفاعلت معهم، كلما كان ذلك أفضل، وكلما أسرعنا في فهم أن العمل الجماعي يجب أن يشمل المشاركة الجماعية، كلما تمكنا من ترسيخ بعض الأمثلة الحقيقية لتحريك الإبرة وإشراك الناس في شيء أكبر من أنفسهم.

زانغي: إن قلقي بشأن السؤال عن العقبات لا يتعلق بأية منهجية معينة؛ سواء كانت المنهجية تأثيراً جمعياً أو غيره؛ بل يتعلق بأننا ما زلنا نعتمد على بعض نماذجنا القديمة للقوة والسلطة والخبرة المتصوَّرة؛ وهذا يؤثر على القدرة على جلب أشخاص مختلفين إلى طاولة الحوار، ويشكل العملية والنتائج بما يتوافق مع تغيير محتمَل؛ والذي يمكن أن يعيق ذلك النوع من التغيير الذي نكافح جميعاً من أجله.

هاروود: أعتقد أن خطر سلطة المراكز الأساسية هو أنه بالنسبة للكثير من الناس؛ قد تبدو الجهود الناتجة عن التأثير الجمعي لطيفةً؛ ولكنها ليست ضرورية. يرى الناس مجموعةً من المحترفين في مجتمعهم ممن حلموا بشيء ما، ووضعوا له اسماً جميلاً، وقاموا بإنشاء بروشور بأربعة ألوان، وربما إطلاق أغنية عند فتحه، ثم الترويج لهذه الفكرة كما لو أنها الاكتشاف العظيم الجديد الذي تحتاجه البشرية.

هذا لا يعالج الأشياء التي أشعر بالقلق بشأنها، ولا يمنحني شعوراً باحتمالية أننا نبني شيئاً معاً، ونغير الطريقة التي يعمل بها مجتمعنا. بدلاً من ذلك؛ يبدو الأمر أننا ننشئ برنامجاً يشبه كل البرامج الأخرى.

بورن: في بدايات نشأة منهج التأثير الجمعي، غالباً ما نجد أنه تم ارتكاب واحد من بين خطأين؛ الأول هو أننا نجمع فقط المراكز الأساسية؛ وهذا يعني أننا نعتقد بطريقة ما أن الأمر يتعلق بنقل السلطة، لذلك نجلب اللاعبين الأقوياء إلى الغرفة. الخطأ الآخر؛ وهو شائع بذات القدر تقريباً، هو أننا لا نشرك أياً من اللاعبين الأقوياء في العملية، لأننا نخشى أن يُنظر إليها على أنه مبادرة موجهة فقط للمراكز الأساسية.

لذلك يبالغ الأشخاص في التصويب، فهم إما يتوجهون نحو خلق قاعدة شعبية أو نحو المراكز الأساسية. نحن نشجع الناس على الثقة بحدسهم، ونجمع مراكز القوة الأساسية مع القاعدة الشعبية؛ حيث أن العملية الفعلية لجمع السلطة والجماهير معاً هي ما يغير منحى الحوار.

بارنز: ما هي النصيحة التي تقدمونها لشخص جاء إليكم قائلاً: ” أنا من المجتمع س، ونحن نستخدم منهج تأثير جمعي، نحن نرغب حقاً في العمل مع المجتمع، لذا؛ كيف تعتقد أننا يجب أن نقوم بعملنا؟”

زانغي: هناك سمة أساسية سمعتها في حديثنا؛ ألا وهي قوة سرد القصص، عليكم القيام بتدريب ودعم الأشخاص لرواية قصصهم والإنصات بشكل أفضل.

سافنر: ابحثوا عن المؤسسات التي يقودها فعلياً الأشخاص من هذا المجتمع؛ والذين من المفترض أن يكونوا المستفيدين من أية تغييرات تحاولون تحقيقها.

ستيوارت: سأنصحه بالتحلي بالصبر، والاستماع، والمشاركة على نطاق واسع.

بورن: غالباً ما نقول أن التغيير المطلوب يبدأ حقاً بتغيير أنفسنا، ولذا فنحن نحبّذ القول: “أولاً؛ من المهم جداً أن تعرف قلبك وما تحب، ثانياً؛ افتح قلبك، وثالثاً؛ ثق بقلبك.؛اعرف وافتح وثق، لأنه من خلال أن نصبح إنسانيين بالكامل معاً، نصبح صادقين للغاية مع بعضنا البعض. إذا تمكنا من جلب الأشخاص المناسبين إلى الغرفة، وإجراء تلك المحادثة العميقة والصادقة، فسنجد طريقةً جديدةً”.

هاروود: كن واضحاً بشأن رغبتك في فعل الخير، لأنك ستحتاج إلى ذلك وأنت تواجه الشدائد؛ ولكن من أجل إحداث تغيير، تحتاج إلى الانعطاف خارج أساليبك العادية، وجعل المجتمع – وليس غرفة المؤتمرات – نقطةً مرجعيةً لك.

شكر خاص لشيري برادي على تنظيم حوار المائدة المستديرة…

 

لقراءة النسخة الموسّعة من هذه المحادثة؛ اضغط هنا.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.