كيف تسهم التكنولوجيا المالية في تحقيق التنمية المستدامة؟

التكنولوجيا المالية
shutterstock.com/whiteMocca
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعمل التكنولوجيا المالية والاستدامة معاً كمحركات رئيسية للتغيير في المجتمعات، من خلال تعزيز الاتصال الإلكتروني والشمول المالي وإمكانيات الوصول إلى الخدمات التجارية والعامة، ما يساعد على خلق عالم أكثر إنصافاً وسلماً وعدلاً.

وتسهم التكنولوجيا المالية أيضاً في تقديم حلول للمشكلات التي تواجه المؤسسات المالية من خلال تقنية البلوك تشين والعملات المشفرة وآلية العقود الذكية وغيرها، فتخلق نموذجاً جديداً يساعد على تحسين خدمات مثل الدفع والتمويل الإقراض لتصبح أرخص وأسهل ويمكن إيصالها لعدد أكبر من الأفراد.

نماذج أعمال جديدة مستدامة

تعيد الرقمنة صياغة الأنظمة المالية العالمية كجزء من تأثيرها على إعادة تشكيل جوهر الاقتصاد الحقيقي. لقد بدأ بالفعل تغيير طرائق الدفع مقابل الغذاء والطاقة والرعاية الصحية. علاوة على ذلك، ستتغير طبيعة السلع والخدمات المقدمة وتقدير الأفراد لحاجتهم لها، كما أكد مؤسس علي بابا، جاك ما في مؤتمر دافوس عام 2019.

اعتبر جاك ما الاقتصاد الرقمي طريقة لمعالجة العديد من الأهداف المحلية والعالمية في المستقبل، بدءاً من سبل العيش اللائقة وانتهاءً بتخفيف وتيرة تغير المناخ وآثاره.

وتشترك التكنولوجيا المالية والتنمية المستدامة في امتلاكهما الإمكانات الأساسية اللازمة للتغيير والتأثير وفي أنهما مناسبتين لإنشاء نماذج أعمال جديدة ومستدامة.

على نطاق أوسع، يمكن أن تساعد التكنولوجيا المالية على ضمان قرارات تمويل تأخذ في الاعتبار بشكل أكبر العوامل الاجتماعية والبيئية؛ من مخاطر المناخ إلى التأثيرات المجتمعية إلى معايير العمل.

فمثلاً يمكن استخدام البلوك تشين لتعزيز الاستقلال المالي والأمن للنساء، كما يمكن الاعتماد على التعهيد الجماعي لتمويل تكنولوجيا الطاقة الشمسية الموزعة لتصبح في متناول المجتمعات الفقيرة عن طريق أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول.

5 استخدامات للتكنولوجيا المالية في التمويل الأخضر

تدعم التكنولوجيا المالية صياغة السياسات التي تهدف إلى الانتقال إلى عالم منخفض الكربون، وفيما يلي بعض حالات استخدام التكنولوجيا المالية في مجال التمويل الأخضر والمستدام:

1. الشمول المالي

إن إتاحة الخدمات المالية للمجتمعات من خلال وسائل مختلفة مثل أجهزة التنقل سيمكنها من الوصول إلى خدمات كالقروض والتأمين، والاستثمار في أنشطة تحد من تغير المناخ أو تتكيف معه، وكما يتيح لها أن تصبح جزءاً من النظام المالي العام، وبالتالي تأمين مستقبلها.

وساعدت الثورة التكنولوجية في مجال البرمجيات على تعزيز الشمول المالي الذي يعد ركيزة أساسية لمكافحة الفقر والبطالة وتحقيق النمو الاقتصادي عبر توسيع نطاق الخدمات المالية والمصرفية لمختلف شرائح المجتمع.

على الرغم من أن النفاذ إلى الخدمات المالية الرقمية يساعد على القضاء على الفقر، فإن أكثر من ملياري نسمة من سكان العالم لا يمتلكون حسابات مصرفية، وما تزال الدول العربية ضمن أدنى المستويات في العالم فيما يخص الشمول المالي، إذ يمثل من يمتلكون حسابات مصرفية مع مؤسسات مالية 18% فقط من السكان، وتتراجع هذه النسبة لدى النساء لتصل إلى 13%.

لذا، تعمل المبادرة العالمية للشمول المالي (Financial Inclusion Global Initiative. FIGI) التي أطلقها الاتحاد الدولي للاتصالات في 2017 بالتعاون مع البنك الدولي واللجنة المعنية بالمدفوعات والبنى التحتية للسوق (The Committee on Payments and Market Infrastructures. CPMI) بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، على تسريع وتيرة الشمول المالي الرقمي في البلدان النامية.

2. انخفاض التكلفة

يخلق توظيف التكنولوجيا المبتكرة مثل تحليل البيانات المتقدمة والتعلم الآلي وما شابه، كفاءة وإنتاجية أعلى في مؤسسات الخدمات المالية، ما يقودها إلى تقديم المنتجات والخدمات بطريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة وجعلها في متناول المجتمعات.

3. سهولة الوصول إلى المشاريع الصغيرة

تساعد التكنولوجيا المالية على رقمنة العمليات التجارية من خلال أتمتة العمليات الذكية (Intelligent Process Automation. IPA) ودفاتر الأستاذ الموزعة (Distributed ledger) لإنجاز المعاملات وإصدار السندات والأوراق المالية الأخرى بطريقة فعالة من حيث التكلفة، ما يسمح بدعم الشركات الصغيرة التي لم يكن الوصول إليها متاحاً.

4. تحسين إدارة المخاطر

يتيح تتبع نقاط البيانات المتعددة من خلال وسائل التحليل المتقدم للمؤسسات المالية القدرة على تحديد المخاطر وتقييمها وإدارتها بطريقة أكثر كفاءة، وبالتالي تسعير فعّال للمنتجات والخدمات من خلال استيعاب عوامل الخطر المتعددة، وتسهيل إنشاء منتجات خضراء ومستدامة جديدة.

5. غرس السلوك المستدام

تقدم التكنولوجيا المالية الأدوات التي يمكن للمؤسسات المالية استخدامها في تتبع معاملات الأفراد وخلق تنبيهات نحو سلوكيات الإنفاق المستدامة، ما يسهل أيضاً تطوير المنتجات والخدمات المستدامة المبتكرة.

أوجه استخدام التكنولوجيا المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

تتنوع العلاقة بين التكنولوجيا المالية والجوانب المختلفة للتنمية المستدامة إلى حدٍ كبير، فبحسب تقرير صادر عام 2018، قد يفيد البلوك تشين في التغلب على عوائق الاستثمار في البنية التحتية، في حين يمكن  لإنترنت الأشياء فتح أفاق جديدة أمام الاقتصاد الدائري.

ويمكن أن تستفيد المؤسسات غير الربحية من العملات المشفرة في جمع التبرعات والمساعدات الإنسانية، في حين قد يتيح الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة إنشاء هويات إلكترونية فريدة ومنتجة لأعداد متزايدة من النازحين.

يتطلب التوظيف الصحيح للعلاقة بين التكنولوجيا المالية والتنمية المستدامة، اعتماد سياسات ولوائح ومعايير تضبط التمويل الرقمي وتحد من سلبياته، ومع ذلك، فإن الجيل الأول من القواعد التي تحكم التمويل الرقمي اليوم يدور حول الاستقرار المالي وحماية الأفراد، مع التركيز المتزايد على تدابير لتشجيع الشمول المالي.