لماذا يجب على المؤسسات المسؤولة اجتماعياً الحفاظ على أرباحها؟

لكل 5 قطع من البيتزا يشتريها الزبائن، تقدم مؤسسة بيكسا قطعة مجانية لشخص مشرد في الشارع ومن المحتمل أن يستفيد من برنامجها. (استُخدمت الصورة بإذن من شركة بيكسا) 
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
تقدم منصة “ستانفورد للابتكار الاجتماعي” الجزء الثاني من سلسلة التمسك بالغاية الاجتماعية في خضم الجائحة؛ التي تسلط الضوء على كيفية الاستفادة من الأهداف الاجتماعية لمشروع رائد أعمال اجتماعي من المكسيك، حوسبق أن تناولنا في الجزء الأول بداية انطلاق فكرته وكيف دعمت المجتمع في أثناء الجائحة.

تحويل الغاية إلى نقد للحفاظ على الأعمال التجارية

بالتزام مؤسسة بيكسا تجاه وكلاء التغيير، أصبحوا محور الشركة وبالتالي أهم أولوياتها. ولكن لم يكن موظفو مؤسسة بيكسا وحدهم أصحاب المصلحة في تحقيق القيمة من غايتها؛ إذ جذبت المؤسسة ورسالتها كثيراً من أصحاب المصالح الآخرين، مثل الزبائن والمستثمرين، وسعت قيادتها إلى الاستفادة منهم على اعتبارهم طوق النجاة الذي سيمكنها من تجاوز الأزمة.

يؤدي تعزيز الأثر على المجتمع والوسط المحيط إلى توليد قيمة ملموسة وقيمة غير ملموسة على حد سواء. إدارة القيمة الملموسة هي الأسهل بالطبع نظراً لإمكانية قياسها وإحصائها؛ فمن الممكن تسجيل حسابات بالإيرادات الشهرية والأصول مثل معدات المطعم، وكذلك الأمر بالنسبة للأعداد المتزايدة من الشباب الذين انتقلوا من العيش في الشوارع إلى الاكتفاء الذاتي. ولكن التأثير الاجتماعي يخلق قيمة غير ملموسة لا يمكن لقادة الشركات فهمها بنفس الدرجة.

يعرّف علم تمويل الشركات القيّمة غير الملموسة بأنها الأصول غير المادية مثل الشهرة التجارية أو تمييز العلامة التجارية، ولكن أين يتم تخزين هذه القيمة؟ تكمن القيمة غير الملموسة بصورة أساسية في أذهان أصحاب المصالح، أي إنها تكمن في التصور السائد لدى الناس عن الشركة ومنتجاتها، إيجابياً كان أو سلبياً، ومن الضروري أن تتمكن المؤسسة من حشد هذه القيمة غير الملموسة وتحويلها إلى نقد من أجل استمرار نجاح كثير من الأعمال التجارية. كيف يمكن تحويل هذه القيمة غير الملموسة إلى قيمة تجارية ملموسة؟ في حالة أي علامة تجارية، يتحقق ذلك عندما يؤدي التصور السائد الإيجابي عن الشركة ومنتجاتها إلى قيام العميل بعملية الشراء، ولكن يمكن للشركة تحويل القيمة غير الملموسة إلى قيمة ملموسة بطرق أخرى.

خذ مؤسسة بيكسا مثلاً، إذ تخلق فوائد ملموسة لوكلاء التغيير تتمثل فيما تقدمه لهم من تدريب ودعم نفسي ومهارات كي يحظوا بحياة مهنية ناجحة بعد خروجهم منها، ولكن وكلاء التغيير يطورون تصوراً سائداً غير ملموس حول المؤسسة يتعدى الفوائد الملموسة التي يحصلون عليها، وعلى الرغم من عدم إمكانية قياس هذه القيمة غير الملموسة بصورة مباشرة فهي تتجسد على شكل ولاء الموظفين الذي يمكن رؤيته بصورة ملموسة في أرقام إحصائيات التوظيف.

يقول سوسا: “بالمقارنة مع مؤسسات القطاع الأخرى ترى أن معدلات دوران الموظفين لدينا أقل بدرجة كبيرة، وهذا يعني أن توظيف الشباب لدينا أقل تكلفة على الرغم من أن ملفاتهم التعريفية تشكل تحدياً كبيراً، وتمكنا من تحقيق ذلك بفضل نموذج عملنا، فمؤسسة بيكسا تقدم التمكين الاجتماعي لوكلاء التغيير فيها”.

إحدى أكبر التكاليف في قطاع المطاعم والضيافة هي تكلفة تعيين الموظفين وتدريبهم واستبقائهم، ويبلغ وسطي معدل دوران الموظفين في مطاعم المكسيك نحو 138%، ما يعني أن كل وظيفة تشهد دوران الموظفين عدة مرات في السنة. وفي المقابل، يبلغ معدل دوران الموظفين في مؤسسة بيكسا 70% فقط، ما يعني أن احتمالات بقاء الموظفين في المؤسسة مدة أطول وإبداء الولاء لها أكبر بمقدار الضعف. لهذه الأرقام تأثير كبير في قطاع المطاعم، ويزداد تأثيرها قوة بالنظر إلى التحديات التي يواجهها وكلاء التغيير في مؤسسة بيكسا، وهم يؤكدون القيمة التي تسعى لخلقها لهم بالتزامهم الاستمرار بالعمل في سلسلة مطاعمها.

توصل سوسا وزملاؤه إلى طرق أخرى لحشد القيمة غير الملموسة بطرق تدعم المؤسسة في مواجهة الجائحة، إذ برزت له فرصة في بداية الأزمة حين كان يتدارس مع مدراء الشركة ما يمكن فعله.

يقول متذكراً: “عند بداية انتشار الجائحة عقدت اجتماعاً مع مدراء الشركة، قلت لهم: ’أصغوا إلي، هذا هو الوضع الذي نواجهه، لا نطالبكم بفعل شيء لا ترغبون في فعله، ولكننا نتيح لكم المجال لمساعدتنا على تجاوز الأزمة إن رغبتم في ذلك‘. وكانت النتيجة مذهلة، إذ قال عدد كبير من المدراء: ’لا تدفع راتبي إلى أن يصبح بإمكانك دفعه‘. وخفّض عدد كبير منه تعويضاته المالية بمقدار النصف بصورة طوعية تماماً، كان ذلك رائعاً”.

على الرغم من تنازل المدراء عن تعويضاتهم المالية الملموسة، فقد كانوا يحصلون باستمرار على الفائدة غير الملموسة المتمثلة في دعم رسالة مؤسسة بيكسا والمساهمة فيها عندما كانت بأمسّ الحاجة إلى ذلك. يوضح المدير، إدغار غارسيا روبل، التنازلات التي قام بها فيما يتعلق بالغاية المؤسسية، يقول: “أؤمن أن مؤسسة بيكسا وُلدت لتثبت للعالم أنه لا شيء يضيع مع الإنسانية ومع نظامنا، وأنه من الممكن أن يساعد بعضنا بعضاً بآلاف الطرق القابلة للاستمرار”. يسمي علماء النفس هذا النوع من القيمة غير الملموسة: التعويض النفسي، وهو التصور الإيجابي الذي ينشأ لدى المرء والشعور الذي يتولد لديه نتيجة لمساهمته في تحقيق الرسالة التي يؤمن بها.

قدم تنازل المدراء دعماً معنوياً وبعض الراحة المالية، ولكن مؤسسة بيكسا كانت بحاجة إلى مساعدة أكبر، لذلك تواصل سوسا مع مجموعة أخرى من أصحاب المصالح ممن كانوا يحصلون على القيمة غير الملموسة من رسالة مؤسسة بيكسا، وهم الزبائن الذين يحبون البيتزا التي تصنعها مطاعم بيكسا ويطرون عليها بحماس ويثمنون غايتها الاجتماعية عالياً في آن معاً.

كتب أحد الزبائن على موقع ريستورانت غورو: “سنحت لي الفرصة لزيارة مطعم بيكسا اليوم، وكم أعجبت بمشروعه الاجتماعي! كان الطعام الشهي ووكلاء التغيير الذين يقدمونه في غاية الروعة، وكذلك أخلاقيات العمل والاهتمام المذهل بالزبائن! أرجو أن أتمكن من زيارة هذا المطعم دوماً. أهنئكم بشدة، وشكراً لكم مرة أخرى!”

ومن أجل منح الزبائن فرصة لإبداء هذا الدعم المعلن، أنشأت مؤسسة بيكسا منصة رقمية على الإنترنت تتيح للناس تقديم المساعدات المالية بأشكالها المختلفة؛ كان بإمكان الزبائن شراء قسائم حسومات لدعم أحد وكلاء التغيير أو لشراء البيتزا مقدماً والحصول عليها بعد انحسار الجائحة، كما أنشأت المؤسسة سلسلة منتجات تحمل علامتها التجارية وطرحتها للبيع مثل فناجين القهوة والقبعات والقمصان القطنية.

يقول سوسا: “كانت بيكسا أول شركة في المكسيك تحشد الناس لمساعدتها بأي طريقة ممكنة، فأنشأنا منصة رقمية تتيح لمحبي علامتنا التجارية ورسالتنا دعمنا، كانت هذه بصورة أساسية خطة لتحقيق الأرباح النقدية وقد ساعدت على إطالة عمر مؤسستنا 3 أشهر”.

أحد المنتجات التي تمثل قيمة غاية مؤسسة بيكسا هو كتاب يتحدث عن القصص التي يعيشها وكلاء التغيير وراء الكواليس في أثناء انتقالهم من حياة الشوارع إلى شققهم الجديدة وحياتهم المستقرة، مدراء المؤسسة هم الذين ألّفوا هذا الكتاب بناء على مقابلات أجروها مع المشاركين في برنامج درب التغيير لتوثيق قصصهم مع مرور الوقت.

وعندما تسببت الجائحة بفرض إجراءات الإغلاق العام التي منعت المطعم من بيع البيتزا مباشرة، زادت المؤسسة تواصلها مع زبائنها من أجل تطوير نظام لتوزيع البيتزا، وبدأت إنتاج قطع فردية من البيتزا المغلفة والمجمدة ودعت الزبائن لشراء كميات كبيرة منها بسعر الجملة وبيعها في أحيائهم لأصدقائهم وعائلاتهم. يقول سوسا: “حشدنا مجتمع محبي مطعمنا وداعمينا ولكن ليس من باب العمل الخيري وإنما ليشاركوا في توليد العائدات”. وبذلك توسع توزيع فطائر مطعم بيكسا وانتشر في 10 ولايات و13 مدينة مختلفة في المكسيك.

وفي حين تعدّ الأشهر الثلاثة الإضافية التي تمكنت المؤسسة من الاستمرار فيها تطوراً كبيراً، فهي لم تكن كافية لتجاوز عملية إعادة الهيكلة الضرورية للاستمرار في مواجهة الجائحة. لذلك سعت مؤسسة بيكسا مجدداً للاستفادة من القيمة غير الملموسة في رسالتها وغايتها بالتواصل مع المستثمرين. وعلى الرغم من قلة المستثمرين الراغبين في المغامرة بأموالهم في أثناء الجائحة، لا سيما في مجال المطاعم، فمؤسسة بيكسا لم تعرض عليهم تحقيق الإيرادات المالية، يقول سوسا موضحاً: “بيع رسالتنا صعب جداً لأنها جوهر عملنا، وكذلك طلب مساعدة المستثمر بصدق تام وتوضيح أن أمواله لن تساعدنا على تحقيق النمو بل على النجاة فحسب”.

كانت كلمته الترويجية أمام المستثمرين ناجحة، وكانوا عازمين على تمويل مؤسسة بيكسا في سبيل استمرارها واستمرار رسالتها. أكد المستثمران، آلدو أندريز ساوسيدو غوميز وزوجته أرابيليا إيفيت باريوس ليال، أهمية القيمة الاجتماعية لمؤسسة بيكسا في قرارهما: “لا يمكننا قياس العائد على الاستثمار بقيمته الاقتصادية فقط، بل نأخذ في حسباننا أيضاً الأثر الاجتماعي وكل الشباب الذين يشاركون في البرنامج وينهونه. نحن واثقان من أن كثيراً من المشردين في الشوارع يملكون مواهب كثيرة، ونشعر بضرورة المساعدة في توفير الفرص لهم ولدينا يقين أن مؤسسة بيكسا تقدمها لهم بالفعل”.

ابتهج مدراء مؤسسة بيكسا ومالكوها لقرار المستثمرَين، يقول سوسا: “تخيل أن نحصل على دعم مستثمرَين جديدين في خضمّ الجائحة ونحن نقول لهما إننا لسنا واثقين من قدرتنا على النجاة”.

التغييرات والغاية

كان تحويل الشهرة التجارية غير الملموسة لدى أصحاب المصالح إلى نقد بمثابة خطة إنقاذ مؤقتة أفسحت لمؤسسة بيكسا المجال لإعادة النظر في نموذج عملها، فاستثمرت هذا الوقت الإضافي لإجراء عدة تغييرات مهمة بدأت بتقليل اعتمادها على نموذج العمل القائم على الموقع بهدف اكتساب المرونة في مواجهة الجائحة وتوسيع نطاق أعمالها على حد سواء. وعلى الرغم من أن خطة توسيع نطاق الأثر كانت مدمجة في نموذج العمل الأصلي، فقد كان النمو الذي تحققه قائماً على الإضافة فحسب؛ أي إن إضافة مطعم جديد إلى السلسلة تعني إضافة موظف جديد إلى مجموعة وكلاء التغيير. صحيح أن هذا النموذج كان جيداً، ولكن هل كان أفضل طريقة لتوسيع نطاق الأثر؟ كان هذا النهج يركز على القيمة الملموسة من خلال الاستثمار في مواقع مادية جديدة، ولكن هل كان بإمكان المؤسسة التوصل إلى طريقة لتوسيع نطاق الأثر بمقدار الضعفين أو أكثر؟

يتمثل أحد الاحتمالات في نشر النموذج على هيئة امتياز تجاري؛ لم يكن على سوسا الاعتماد على مؤسسة بيكسا فقط من أجل تمويل المواقع الملموسة الجديدة، وإنما كان بإمكانه توسيع نطاق الأثر بالاستفادة من المعرفة العملية غير الملموسة التي تتمتع بها المؤسسة؛ أي “ملكية الغاية الفكرية”، ومشاركتها مع الآخرين. يقول سوسا: “سنحقق فوائد كبيرة من الأشخاص الراغبين حقاً في إدخال مؤسسة بيكسا إلى مدنهم، وسنساعدهم على فعل ذلك؛ سنقدم نموذج العمل بوصفه امتيازاً تجارياً يتمثل في نموذج هجين نعمل فيه على تحديد من سينضمون إلى الشركة، ثم نترك إدارتها لهم”. وفقاً لهذه الخطة ستستمر المؤسسة في عملها المتمثل في تحديد وكلاء التغيير المحتملين وتدريبهم، في حين تركز الشركات التي تُمنح الامتياز التجاري على العمليات اليومية. يقول سوسا: “لدينا موظف أساسي لهذه المهمة، وهو يعمل بصورة أساسية على إعداد الشركة كي نتمكن من توقيع أول عقد مع شركات الامتياز بحلول نهاية عام 2022”.

كان التغيير المهم الثاني لضمان استمرار توسيع نطاق الأثر متمثلاً في الدخول إلى قطاع تجارة التجزئة، يقول سوسا: “أدركنا أن تجارة التجزئة هي خطوط الأعمال التي ستحقق النمو فعلاً، وتتمثل الخطة في إيصال قطع البيتزا المجمدة التي نصنعها إلى منازل أكبر عدد ممكن من الزبائن عن طريق طرح منتجاتنا في متاجر شركات التجزئة الكبيرة التي سنتشارك معها، مثل وول مارت. نعمل على تجديد عملياتنا كي نتمكن من بيع مزيد من قطع البيتزا ويجب أن نوظف مزيداً من الشباب من أجل صنعها”.

كما تستفيد مؤسسة بيكسا من رسالتها وغايتها الاجتماعية في عقد الشراكات اللازمة لتوسيع نطاق توزيع منتجاتها. في عام 2021، بدأت الشركة التواصل مع الشركات القائمة على الغاية مثل إيكيا (Ikea)، لأنها بحسب قول سوسا: “تعتمد على الرسالة وتركز على القيم بشدة”. عُقدت الاتفاقات الأولى مع عدد من شركات توزيع الأطعمة المكسيكية مثل آداما (Adama) وهاداسا غورميه (Hadasa Gourmet) ومورا ماركت (Mora Market)، وهي كلها متاجر تبدي في أعمالها التزاماً مماثلاً تجاه ممارسات الاستدامة والعدالة. وفي أثناء كتابة هذا المقال، كانت جميع هذه المشاريع في مراحلها الأولى ولكن فريق بيكسا كان متفائلاً بقدرتها على الاستمرار وقيمتها القائمة على التأثير.

أدت هذه التغييرات إلى دفع أعمال مؤسسة بيكسا في اتجاهات جديدة تؤدي إلى تنويع الأثر وتوسيع نطاقه، ولكن بحسب ما يقوله سوسا: “ندرك أن لدينا منتجاً آخر”. فهم فريق مؤسسة بيكسا أن قيمة المؤسسة لا تكمن فقط في نموذج عملها القائم على المطاعم، بل وفي المعرفة العملية المتراكمة التي طورتها الشركة فيما يتعلق بإخراج الشباب المعرضين للخطر من الشوارع ومنحهم وظائف مربحة. إن تمكنت الشركة من إعادة استخدام هذه المعرفة العملية فستستفيد منها لإنشاء خط أعمال جديد كلياً بناء على برنامج درب التغيير.

يقول سوسا: “أدركنا أنه إلى جانب البيتزا التي نصنعها، كان نهج التمكين الاجتماعي هو جوهر القيمة الاجتماعية التي تخلقها المؤسسة، وهو ملكية فكرية لها”. سيؤدي هذا المسار إلى حماية غاية مؤسسة بيكسا الاجتماعية من الجائحة إلى جانب أنه طريقة فعالة للاستفادة من معرفتها العملية في توسيع نطاق تأثيرها.

كانت المبادرة متسقة مع التوجهات الاجتماعية الناشئة التي هيأت الشركات لتقبل نموذج مؤسسة بيكسا. ونتيجة لموجة التحركات الاجتماعية المناهضة للتمييز، ومنها حركتا “أنا أيضاً” و”حياة السود مهمة”، ازدادت حساسية الشركات تجاه قضايا التنوع والعدالة والشمول الاجتماعي وبدأت البحث عن طرق لمواءمة عملياتها مع التوقعات الاجتماعية، وكانت عدة شركات في قطاع المطاعم وغيره تتعهد علناً بالتحول إلى شركات تتسم بالشمول الاجتماعي، ولكن غالبيتها لم تعرف كيف ستطور ثقافة شاملة تعمل على تمكين المجتمعات المهمشة وتسهم في إحداث التغيير الاجتماعي. لحسن الحظ، كانت مؤسسة بيكسا تعمل على تطوير هذه الكفاءات تحديداً على مدى الأعوام الأربعة الماضية، يقول سوسا: “أثبتت مؤسسة بيكسا أن الشمول الاجتماعي مفيد للأعمال وناجح”.

حولت مؤسسة بيكسا فكرتها إلى برنامج اعتماد للمؤسسات الشاملة يقدم المعرفة العملية لمن يحتاج إليها من أجل توظيف وكلاء التغيير وتدريبهم ودعمهم بنفس الطريقة التي أثبتت فعاليتها بنفسها، وتتيح شهادة الاعتماد لمن يحصل عليها استخدام أدوات مؤسسة بيكسا لدعم رفاهة الموظف المتعددة الجوانب، وستتمكن الشركات من استخدام نظام مؤسسة بيكسا للتقييم والتوجيه من أجل العمل على تقديم الدعم اللازم للموظفين المهمشين اجتماعياً ومساعدتهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

يقول سوسا: “سنقدم للشركات نفس المنهجية التي اتبعناها لجعل مؤسستنا مركزاً للتمكين الاجتماعي، وسنمنح مالكيها شهادات بأنها مراكز للتمكين الاجتماعي. وما إن يحصلوا على هذه الشهادة يمكنهم البدء بتوظيف الشباب مباشرة من نفس المنصة”. استثمرت مؤسسة بيكسا معرفتها العملية عبر مشاركة منهجيتها من أجل توليد مزيد من فرص التوظيف لوكلاء التغيير خارج مطاعمها، وإذا نجحت في ذلك فستوسع نطاق تأثيرها بدرجة هائلة.

لحسن الحظ، تتوافق هذه المبادرة مع التوجه الجديد في قطاع التدريب نحو تبني برامج العمل عبر الإنترنت. أرغمت الجائحة شركات كثيرة على نقل إجراءات العمل إلى الإنترنت، واستفادت مؤسسة بيكسا من هذه النقلة بإنشاء برامج تدريب رقمية. استشرف سوسا منصة للموارد البشرية بواجهتين بينيتين مختلفتين؛ الأولى مخصصة للشركات تحصل من خلالها على شهادة المؤسسة الشاملة، والثانية مخصصة لوكلاء التغيير وتتيح لهم بدء تدريبهم بصورة مسبقة حتى قبل خروجهم من ملاجئ المشردين.

يقول سوسا: “يمكن للموظف المستقبلي الدخول إلى منصتنا والحصول على التدريب وإنهائه وهو لا يزال مقيماً في ملاجئ المشردين، وذلك سيتيح له بدء برنامج التمكين الاجتماعي عبر الإنترنت بسرعة، وعند تخرجه سيكون مؤهلاً للحصول على وظيفة. وبذلك تصبح المنصة منصة توظيف تضمن للشباب إمكانية الحصول على عرض عمل”.

مع تطبيق هذا المفهوم الجديد تمكنت مؤسسة بيكسا من فصل التأثير الاجتماعي عن أعمال مطعم البيتزا واستخدامه من أجل توسيع نطاق الأثر بدرجة أكبر، وتوقع قادة المؤسسة أن هذا النموذج سينتشر في العالم.

يقول سوسا: “يمكن للشركة التي ترغب في تعلم طريقة التحول إلى مركز للتمكين الاجتماعي ومؤسسة شاملة اجتماعياً الحصول على الأدوات التي نقدمها والبدء بالعمل على الفور”. تعدى النموذج الجديد مرحلة إثبات الفعالية عندما وافقت سلسلة مطاعم متوسطة الحجم في المكسيك على تعيين وكلاء التغيير في 100 وظيفة جديدة في العام التالي.

مستقبل ما بعد الجائحة

بتركيز مؤسسة بيكسا على غايتها ورسالتها انتقلت من العمل وفق نموذج مطعم البيتزا إلى تأسيس عدة خطوط أعمال جديدة تحمي المؤسسة من الجائحة وتوسع نطاق أثرها بدرجة كبيرة، ولكن جائحة كوفيد-19 والآثار المتموجة التي ولّدتها لم تنتهِ بعد.

يقول سوسا: “ما زلنا نخوض هذه الرحلة الشاقة، ولن نتمكن من النجاة إلا بفضل مرونتنا وقدرتنا على الإبداع، ولكن الأهم هو أننا أبقينا رسالتنا على رأس أولوياتنا وأجرينا كل هذه التغييرات بهدف استمرار هذه الرسالة. وفي الوقت الراهن، نحن سعداء لأننا ما زلنا صامدين، ونعتقد أننا سننجح”.

سوسا ليس وحيداً في تفاؤله، يقول المستثمران غوميز وليال: “نحن واثقان من انضمام عدد كبير من الشركات إلى المبادرة، ونتطلع إلى إضافة القيمة من خلال تكرار نموذج العمل لا سيما مع تزايد أهمية الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. نحن واثقان من أن الشركة ستستمر بالنمو في جميع وحدات عملها على اختلافها، فهي تملك أفضل فريق وأفضل شركاء عمل، وهم أساس نجاحها”.

أثبتت مؤسسة بيكسا أن الغاية المقنعة تتمتع بقوة كبيرة إذا تمكن رائد الأعمال من فهمها بوضوح والاستفادة منها، وسيشهد المستقبل انتشاراً لغاية مؤسسة بيكسا الاجتماعية خارج نطاق عملياتها، وهو ما يراهن عليه المساهمون الجدد الذين انضموا إليها مؤخراً.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.