5 عوامل تحدد نجاح الحركات الاجتماعية المؤثرة

حركات الاحتجاج
(Photo by Unsplash/Mika Baumeister)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لتحقيق أكبر قدر ممكن من الخير بموارد محدودة، يجب على الممولين الالتفات إلى حركات الاحتجاج التي تعاني نقص التمويل.

شهدت السنوات الأخيرة نمواً هائلاً في الحركات الاجتماعية التي أظهرت معارضتها من خلال الحشد الجماهيري وأعمال العصيان المدني، بدءاً من حركتي “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter) و”فرايدايز فور فيوتشر” (Fridays for Future) إلى الاحتجاجات الضخمة من قبل المزارعين الهنود. ووفقاً لإحدى الدراسات، ازداد عدد الحركات الاحتجاجية بمعدل ثلاثة أضعاف ما بين عامي 2006 و2020. ولكن على الرغم من ازدياد شعبيتها بشكل سريع، غالباً ما تدّعي حركات الاحتجاج أنها تعاني من نقص التمويل ونقص الموارد وتجاهل الفاعلين الخيريين لها.

إنها على حقّ. على مر التاريخ، حرضت الحركات الاحتجاجية على العديد من حالات التغيير الاجتماعي على نطاق واسع، وهي تستحق الحصول على تمويل أكبر للاستمرار. حيث يجب على الممولين توجيه نسبة أكبر من مواردهم نحو حركات الاحتجاج لتأسيس بيئة أفضل للتغيير الاجتماعي. ونظراً لأنه حتى أكثر حركات الاحتجاج افتقاراً إلى التمويل كان لها تأثير محفز للتغيير الإيجابي على نطاق واسع، قد يكون دعم حركات الاحتجاج المقبلة التي يقودها الشباب أحد أكثر الأشياء تأثيراً التي يمكن أن يفعلها الفاعلون الخيريون.

ما مقدار التمويل الذي تحصل عليه حركات الاحتجاج؟

لا تمتلك حركات الاحتجاج في الغالب هياكل قانونية رسمية أو فرق قيادة رسمية أو سياسات حوكمة، ما يجعل من الصعب تحديد ما نتحدث عنه. ولأغراض هذا المقال، يمكننا اعتبار حركات الاحتجاج حركات اجتماعية -جماعة غير رسمية من الأشخاص الذين يسعون لتحقيق هدف اجتماعي مشترك- تستخدم الاحتجاج كأحد تكتيكاتها الرئيسية في إحداث التغيير الاجتماعي المقصود (ولا نقصد أن الاحتجاج هو تكتيكها الوحيد). ومن الأمثلة الشهيرة على حركات الاحتجاج هذه حركات حياة السود مهمة، أو احتلوا وول ستريت (Occupy Wall Street)، أو حركة سافراغيتس (Suffragettes) وهم المُنادون بحق المرأة في التصويت أو “منح حق التصويت للنساء” في القرن العشرين.

للنظر في الادعاء بأن حركات الاحتجاج تستحق تمويلاً أكبر، يمكننا مقارنة التمويل المخصص لحركات لاحتجاج بالتمويل المخصص للجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الحكومية التي تعمل على حل المشكلة نفسها. فانظر مثلاً إلى حركة التمرد ضد الانقراض (Extinction Rebellion) أو (XR)، وهي إحدى الحركات المناخية الأكثر شهرة على مدار السنوات العديدة الماضية: وتوضح الأرقام التي شاركتها حركة التمرد ضد الانقراض العالمية، فإن دخلها السنوي بلغ حوالي 750 ألف جنيه استرليني بناءً على أرقام عامي 2019 و2020. وبالمقارنة، تقدر مؤسسة غرين بيس الدولية (Greenpeace International) دخلها السنوي للفترة ذاتها بحوالي 75 مليون جنيه استرليني، أي مئة ضعف دخل الحركة تقريباً. كما أن حركة شروق الشمس (Sunrise Movement) في الولايات المتحدة تجتذب تمويلاً أكثر بكثير من حركة التمرد ضد الانقراض، لكنه لا يزال ضئيلاً بالمقارنة مع تمويل الجمعيات الخيرية البيئية الكبرى مثل صندوق الحياة البرية العالمي (WWF). ويوضح الرسم البياني أدناه عدم التناسق في تمويل الحركات الاحتجاجية بالمقارنة مع المؤسسات غير الحكومية.

وفي حين أن هذه الأرقام غير دقيقة، وتختلف تبعاً لاختلاف المؤسسات موضع المقارنة، فإن حجم التباين واضح؛ حتى أكثر حركات الاحتجاج نجاحاً وشعبية تتلقى تمويلاً أقل بكثير من الجمعيات الخيرية الشعبية الراسخة التي تعمل على قضايا مماثلة.

ما مدى فعالية حركات الاحتجاج؟

إذا كنا معنيين بالقيام بأكبر قدر ممكن من الخير بمواردنا المحدودة، فالسؤال الذي يجب طرحه على الحركات التي تركز على المناخ هو ما مقدار الكربون الذي يتجنبونه في الغلاف الجوي مقابل كل دولار ينفقونه. أما في حالة الحركات التي تركز على العدالة بحق الحيوانات، فقد يكون السؤال حول عدد الحيوانات التي نجت من المعاناة لسنوات في مزارع المصانع. وهكذا دواليك. فإذا كنا نهتم بإنشاء عالم أفضل بأكبر قدر ممكن من الفعالية – وليس فقط التبرع بالمال – فإن السؤال الحقيقي هو ما مدى فعالية حركات الاحتجاج هذه في إحداث تغيير اجتماعي إيجابي؟

كجزء من بحث أجرته مؤسسة مختبر التغيير الاجتماعي (Social Change Lab)، وهي مؤسسة غير ربحية مكرسة لتحقيق فهم أفضل لتأثير الحركات الاجتماعية، قمنا بإجراء تحليلات للفعالية من حيث التكلفة حول تأثير حركة التمرد ضد الانقراض على تخفيض انبعاثات الكربون. إلا أن هذه التحليلات ليست حاسمة، وعلى الرغم من إجراء المزيد من الأبحاث لتحسينها، إلا أن الحسابات غالباً ما تتضمن افتراضات ذاتية، مثل الدور الدقيق الذي تلعبه مؤسسة معينة في تغيير السياسة. وقد أُجري البحث عبر دراسة التغييرات الأخيرة في سياسات المناخ في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتأثير هذه السياسات على انبعاثات الكربون والدور الذي لعبته حركة التمرد ضد الانقراض أو حركة شروق الشمس في تغيير هذه السياسة.

وفقاً لحساباتنا، أدى عمل حركة التمرد ضد الانقراض في المملكة المتحدة إلى تجنب 13 طناً من ثاني أكسيد الكربون لكل جنيه استرليني تنفقه على الدعوة، وعندما قامت مبادرة غيفينغ غرين (Giving Green)، وهي مبادرة لتقييم الجمعيات الخيريرة التي تعنى بالمناخ، بإجراء حسابات مماثلة لحركة شروق الشمس، وجدت المبادرة أنه مقابل كل دولار تنفقه حركة الشروق، تتسبب بتجنب ما يقرب من خمسة أطنان من ثاني أكسيد الكربون الذي يتم ضخه في الغلاف الجوي. ولكن على الرغم من أن هذه الأرقام تبدو مثيرة للإعجاب، فمن الضروري مقارنتها بمؤسسات المناخ الأخرى للحصول على فهم أوضح لفعالية حركات الاحتجاج هذه. واتضح أن كلاً من حركتي التمرد ضد الانقراض وشروق الشمس تحقق فعالية من حيث التكلفة أفضل من واحدة من المؤسسات الخيرية المناخية الأعلى تصنيفاً على مستوى العالم، وهي مؤسسة فريق عمل الهواء النظيف (Clean Air Task Force)، بفارق 12 ضعف و 6 أضعاف على التوالي.

تأثير حركات الاحتجاج

كيف يكون لحركات الاحتجاج هذه مثل هذه التأثيرات الكبيرة؟ قد تتساءل كيف يمكن أن يتسبب احتجاج آلاف الأشخاص في الشوارع في تقليل انبعاثات الكربون، حيث أن الرابط ليس واضحاً دائماً. قد يكون هناك آليات متعددة يحفز الاحتجاج من خلالها التغيير الاجتماعي، مثل تغيير الرأي العام، وتحويل الخطاب العام، والتأثير على السياسات، والتأثير على العمليات الانتخابية.

الرأي العام: تظهر الأبحاث التي أجراها الدكتور بين كينوارد من جامعة أكسفورد بروكس (Oxford Brookes University) أن القلق العام بشأن المناخ ازداد في المملكة المتحدة بعد فترة من الاحتجاجات الجماعية من قبل حركة التمرد ضد الانقراض (XR)، ما يؤكد نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة يوغوف (YouGov)، وهي مؤسسة تجري الأبحاث والاستطلاعات. كما وجد البحث المهم الذي أجراه معهد آيني (Ayni Institute) أن احتجاجات الحقوق المدنية الكبرى في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والتي قادها مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية والدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالزيادات الكبيرة في القلق بشأن العنصرية في الولايات المتحدة.

الخطاب العام: يمكن للاحتجاجات أن تؤثر بشكل مباشر في الطريقة التي يؤطر بها السياسيون أو وسائل الإعلام أو العامة مشاكل معينة أو يتحدثون عنها. وقد وجد عمر واسو، الأستاذ المساعد في علوم السياسة، أن احتجاجات الحقوق المدنية في الستينيات كانت فعالة في “وضع بذور جداول الأعمال”، ما تسبب في زيادة التغطية الإعلامية للحقوق المدنية وزيادة تواتر ذكرها في خطابات الكونغرس. كما وجد بحث أكثر حداثة أجراه علماء الاجتماع في جامعة إنديانا (Indiana University)، أن حركة حياة السود مهمة (BLM) زادت عمليات البحث عبر الإنترنت عن مواضيع الحركة الرئيسية -مثل عنصرية الأنظمة وإلغاء السجون – بأكثر من مائة ضعف خلال فترة الاحتجاجات. وفي الواقع، ظل الاهتمام بهذه الأفكار مرتفعاً حتى بعد ستة أشهر من نهاية الاحتجاجات من أجل العدالة لجورج فلويد، مع استمرار اهتمام وسائل التواصل الاجتماعي “بالعنصرية المنهجية” بنسبة 5.5 مرة أكثر من العام السابق.

التأثير على السياسة: وجدت دراسة للممثلين البلجيكيين المنتخبين أن التعرض للاحتجاجات على قضايا اللجوء أثر على معتقدات صانعي السياسات، والذي بدوره يمكن أن يؤثر على مواقفهم بشأن التشريعات المختلفة. وفي أمثلة أكثر وضوحاً، تم إلغاء مشروع تعدين في صربيا بعد أن احتجت الحشود الوطنية على الأضرار البيئية للمشروع، وأدت احتجاجات حركة BLM إلى تحفيز تغييرات تشريعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما تسببت في انخفاض عنف الشرطة بنسبة 15-20%.

التأثير على العملية الانتخابية: في الدراسة المذكورة سابقاً، وجد واسو أن المقاطعات الأميركية القريبة من مناطق الاحتجاجات السلمية شهدت زيادة في نسبة تصويت أصحاب البشرة البيضاء للمرشحين الرئاسيين الديمقراطيين بنسبة 1.3-1.6%، في حين تسببت الاحتجاجات العنيفة في تحول 1.6-7.9% من أصحاب البشرة البيضاء تجاه الجمهوريين.

كيف نختار الحركة التي سنقوم بتمويلها؟

إلى جانب قضايا المناخ ومكافحة العنصرية، كان لحركات الاحتجاج آثار إيجابية واسعة في مجموعة من القضايا الملحة الأخرى؛ مثل احتجاجات المزارعين الجماعية في الهند ضد الإصلاحات الزراعية المثيرة للجدل، والتي أدت إلى تراجع الحكومة عن قراراتها بعد أكثر من عام من الاحتجاجات المستمرة. كما أن رئيس تشيلي الأخير لديه خطط لمعالجة عدم المساواة داخل البلاد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه بنفسه كان زعيماً طلابياً سابقاً في الاحتجاجات التشيلية الأخيرة ضد الفساد والظلم، وحركة استقلال الهند بقيادة المهاتما غاندي لإنهاء الحكم البريطاني في الهند.

بالنظر إلى مجموعة الأدلة المتزايدة على أن حركات الاحتجاج يمكن أن تكون وسيلة فعالة للغاية لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي، فما الذي يجب أن يفعله فاعلو الخير والدعاة حيال ذلك؟ من الواضح أن تخصيص نسبة أكبر من الموارد المتاحة أمر مفيد، لأن الموارد الإضافية يمكن أن يكون لها القدرة على دفع هذه الحركات إلى مستويات أعلى، مثل حشد المزيد من الناس، وتحويل الرأي العام، وتغيير الروايات السائدة، والتأثير على السياسات المهمة. لكن نظراً لأن الموارد محدودة، ولأننا نريد توجيهها نحو الحركات والمؤسسات التي سيكون لها أكبر تأثير إيجابي ممكن، يجب معالجة مسألة اختيار حركات الاحتجاج التي يجب دعمها.

نظراً لأن الحركات لا يمكن توقعها، فقد يكون من الصعب معرفة أي منها تتمتع بفرص نجاح أكبر. فيما يلي، أوجز العديد من العوامل التي يجب على فاعلي الخير والمدافعين أن يبحثوا عنها في حركات الاحتجاج عند اتخاذ قرار بشأن دعمها.

1. هدف واضح وقيم مشتركة

إن الاكتفاء بتوضيح النتائج القريبة لنظامنا الحالي أمر غير كافي من دون وضع خيار هادف بديل. ولعل أحد الأمثلة على ذلك هو حركة احتلوا وول ستريت في عام 2011، حيث احتل الناس في مئات المدن حول العالم المناطق المالية للاحتجاج على تزايد عدم المساواة والفساد في المؤسسات. وبصرف النظر عن النجاحات التي حققتها حركة “احتلوا” في إثارة القلق بشأن عدم المساواة في توزع الثروات، إلا أن إحدى عيوبها كانت الافتقار إلى القدرة على تقديم رؤية موجزة لمستقبل أفضل. مما أدى في النهاية إلى تفككات ضمن الحملة نفسها وانسحاب العديد من الأشخاص بسبب افتقار الحركة إلى الشفافية حول أهدافها، وطريقة تحقيق هذه الأهداف. بالمقارنة، قامت حركة الحقوق المدنية في الستينيات بتدريب النشطاء لأشهر، وذلك بفضل مساعدة لجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية (SNCC)، بهدف التركيز على إلغاء الفصل العنصري بين الطلاب على طاولات الغداء، أولاً داخل مدينة غرينزبورو ثم على نطاق أوسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة. لم يكن لهؤلاء النشطاء هدف واضح لتوجيه عملهم فحسب، بل كان لديهم أيضاً مجموعة قوية من القيم والمبادئ المشتركة، وهي عنصر حيوي آخر لضمان استمرارية واستقرار حركات الاحتجاج.

2. نظرية استراتيجية للتغيير

بمجرد أن تشارك الحركة أهدافها ومبادئها، تكون الخطوة التالية هي وضع نظرية للتغيير حول كيف ستحقق الحركة رؤيتها. وفي حين أن بعض الحركات لديها تكتيك يعجبها (مثل إغلاق الطرق أو الإضراب)، والذي تستخدمه دون التفكير في كيفية ملاءمته لاستراتيجيتها الأوسع. إلا أن الحركات الفعالة يجب أن تحدد رؤيتها وتضع استراتيجية بناء على هذه الرؤية، باستخدام طريقة مثل تحليل سوات (SWOT)؛ وهو تحليل لنقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات. وإن الحركة الواعدة هي التي تمتلك نظرية تغيير واضحة ومخطط لها بدقة، مع تخطيط الحملات والاستراتيجيات والتكتيكات الضرورية التي ستساعد الحركة على تحقيق أهدافها.

3. حوكمة وعمليات واضحة وشفافة

كما قد يعلم أي شخص شارك في حركة شعبية، هناك دائماً تحديات حول العضوية والتعويضات واتخاذ القرار. ويمكن لهذه المواضيع أن تقوض المجموعات، مما سيؤدي إلى انسحاب بعض أفضل الأشخاص، أو قضاء جزء كبير من الوقت على وضع السياسات الداخلية بدلاً من معالجة القضية المطروحة. وإن حركة الاحتجاج الواعدة تميز هذه المخاطر وتخفف من حدتها من خلال وجود عمليات وحوكمة شفافة وواضحة تحيط بالقضايا الشائكة. وعلى وجه التحديد، إن السياسات الواضحة والمتفق عليها حول صناعة القرار وتعويض النشطاء والسلوكيات الضارة والأشخاص الذين يُطلب منهم مغادرة الحركة تعد أمراً بالغ الأهمية لضمان الصحة والنجاح على المدى الطويل. وقد توصلت دراسة حول نجاح مجموعات الاحتجاج أيضاً إلى أن مستوى تنظيم حركات الاحتجاج هو أحد العوامل الرئيسية في توقع النجاح.

4. طموحات بشأن التوسع، مع التخطيط لتحقيق ذلك

وجدت إيريكا تشينويث أنه لا توجد حركة حفّزت أكثر من 3.5% من السكان على المشاركة النشطة وفشلت في تحقيق أهدافها. ولهذا السبب، فحركات الاحتجاج يجب أن تمتلك طموحات كبيرة حول التوسع، مع التخطيط الدقيق المطلوب. فعلى سبيل المثال، واجهت حركة التمرد من أجل الانقراض معضلة عند تنظيم أول “تمرد” في شهر أبريل/نيسان عام 2019. فهل يجب أن تشغل هذه المجموعة الجديدة موقعاً واحداً في وسط لندن لمدة أسبوعين، وهو بالفعل إنجاز مجنون، أم أنها يجب أن تهدف إلى المزيد؟ مع قلة المؤشرات إلى عدد الأشخاص القادمين، واستناداً في الغالب إلى الأمل، قررت حركة XR احتلال خمسة مواقع في وسط لندن، على أمل أن يكون الناس على قدر التحدي – وقد كانوا كذلك. نزل الآلاف من الأشخاص واعتُقل الكثير منهم، ما أدى في النهاية إلى إعلان حكومة المملكة المتحدة حالة طوارئ مناخية ونمو هائل لحركة XR في المملكة المتحدة وعلى مستوى العالم.

ومع ذلك، لن يكون أي من هذا ممكناً من دون التخطيط الفعال المطلوب لجعل هذه اللحظات العاصفة تحدث. وعلى وجه التحديد، يجب أن يكون لدى الحركات خطط واضحة حول كيفية بدء التدريبات على الصعيد الوطني حول كيفية تنمية المهارات ودمج النشطاء الجدد، مثل برامج التدريب لمدة خمسة أيام التي تقدمها أوتبور! (Otpor!). فالتدريبات اللاعنفية هي أساس الحركات الاحتجاجية، التي استخدمتها لجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية من أجل حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي، وحركة تمرد الانقراض، وحملة نزع السلاح النووي، والعديد من الحركات التي تلتها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحركة أن تمتلك خططاً لتوسيع نطاق توظيفها وتشغيلها وحملات جمع التبرعات وحملات التوعية التي تقوم بها. والسؤال الرئيسي الذي يجب على قادة الحركات أن يسألوه عند تصميم العمليات والبنية التحتية هو: هل ستنجح الحركة إذا انضم 100 شخص؟ ماذا إذا انضم 1000 شخص؟ وماذا إذا انضم 10 آلاف؟

5. التنوع والوحدة

يظهر البحث أن العامة والسياسيين هم أكثر عرضة للتأثر بالاحتجاجات التي تجتذب مجموعة واسعة من المشاركين والمؤسسات. بالإضافة إلى ذلك، توصل نفس البحث إلى أن الوحدة في رسالة المتظاهرين، بحيث تكون لديهم رسالة واضحة ومشتركة، قد يكون لها تأثير كبير في التأثير الإيجابي على الرأي العام ورأي صانعي القرار. لذلك، يجب أن يسعى المموّلون إلى دعم الحركات الاحتجاجية التي تجذب مجموعة متنوعة من المشاركين، وتبني تحالفات مجتمعية، وتنتج رسالة خارجية متماسكة وموحدة.

كيف يمكن للممولين دعم هذه الحركات؟

قد تبدو بعض هذه المتطلبات مهمة صعبة للعديد من الحركات الصاعدة، والتي غالباً ما تتكون من أشخاص يعملون في ساعات فراغهم مقابل القليل من المال أو بدون مقابل. إلا أن العديد من هذه المميزات يمكن تحديدها في وقت مبكر، وخاصة عناصر الهدف المشترك وطموحات التوسع والنظرية الاستراتيجية للتغيير. علاوة على ذلك، يمكن للممولين دعم حركات الاحتجاج التي قد تكون مؤثرة أثناء عملية تطوير تفكيرهم في وقت مبكر من خلال تمويل تجهيزاتهم المسبقة، وهو الوقت الذي يصمم فيه القادة استراتيجية حركة الاحتجاج وبنيتها وقصتها وثقافتها. حيث يعد هذا الوقت مرحلة حاسمة يمكن فيها للفريق الأساسي العمل معاً بشكل وثيق لبناء رؤيتهم والخطوات المطلوبة لتنفيذها بنجاح. وقد تم استخدام هذا التخطيط الاستراتيجي بنجاح في حركة الاستقلال الهندية، وحركة الحقوق المدنية، وكذلك حركة شروق الشمس في الولايات المتحدة.

كما يمكن للممولين اختيار تمويل الحركات الشعبية من خلال كيانات تمويل أو كيانات شاملة قائمة مسبقاً تقدم المنح لهذه المجموعات. وتقدم مؤسسات ثاوزند كورنتس (Thousand Currents)، وصندوق الطوارئ المناخية (Climate Emergency Fund)، وحركة من أجل حياة السود (Movement For Black Lives) بعض الأمثلة عن المؤسسات التي تقدم الأموال إلى النشطاء والمجموعات المنظمة على الخطوط الأمامية لمختلف القضايا، مثل حقوق المرأة، وحقوق السكان الأصليين، والعمل المناخي، ومكافحة العنصرية، والمزيد غيرها.

بالإضافة إلى ذلك، يعد دعم البنية التحتية لبناء الحركات أمراً أساسياً آخر وأقل خطورة، حيث يمكن للممولين المساهمة في بناء قدرات حركات الاحتجاج. حيث تدعم مؤسسات مثل مومينتوم كوميونيتي (Momentum Community) ومعهد آيني ومشروع فيوتشر ماترز (Future Matters Project) وكلايميت 2025 (Climate 2025) ونيون (NEON) جميع الحركات المختلفة للعدالة الاجتماعية أو المناخية أو العرقية، من خلال توفير الموارد مثل التدريب وبرامج الاحتضان والتوجيه والاستضافة المالية.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.